(ص)
وظاهرا بأفعل التّفضيل لا |
|
ترفعه ما لم تره قد جعلا |
مخلّصا من أن يحال بين (من) |
|
وبينه بأجنبى مقترن |
ك (لن ترى من امرئ أجدر به |
|
فضل من الصّدّيق) فاعرف وانتبه |
والرّفع ـ مطلقا ـ به قليل |
|
حكاه سيبويه ؛ والخليل |
ونصبه المفعول ممنوع ومن |
|
فسّر ناصبا به فقد فطن |
(ش) لا يرفع أفعل التفضيل ـ فى اللغة المشهورة ـ اسما ظاهرا ؛ لأن شبهه باسم الفاعل ضعيف من قبل أنه فى حال التنكير لا يؤنث ، ولا يثنى ، ولا يجمع ، بخلاف اسم الفاعل ، والصفة المشبهة به.
فإن أدى ترك رفعه الظاهر إلى فصل بمبتدأ بين أفعل التفضيل ، والمفضل عليه تخلص من ذلك بجعل المبتدأ فاعل أفعل بشرط كونه سببيّا كـ «الصّوم» بالنسبة إلى الأيام فى قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «ما من أيّام أحبّ إلى الله فيها الصّوم من أيّام العشر».
وإنما اشترط كون الظاهر سببيّا ؛ لأن ذلك يجعله صالحا للقيام مقام المضمر ؛ فإن الاستغناء بالظاهر السببى عن المضمر كثير.
ولأن كونه سببيّا على الوجه المستعمل يجعل أفعل واقعا موقع الفعل ؛ وذلك أن قولك : «ما من أحد أحسن فى عينه الكحل من زيد» يقوم مقامه : ما من أحد يحسن فى عينه الكحل كزيد ، فتنزل ارتفاع الظاهر بـ «أفعل» هنا لوقوعه موقع الفعل منزلة إعمال اسم الفاعل الموصول به الألف واللام حال المضى لأن وصل الألف واللام به أوجب تقديره بفعل.
وحكى سيبويه (١) أن بعض العرب يقول : «مررت برجل أكرم منه أبوه» ؛ فيرفع بأفعل التفضيل الظاهر مطلقا وأجمعوا على أنه لا ينصب المفعول به.
فإن ورد ما يوهم جواز ذلك جعل نصبه بفعل مقدر يفسره «أفعل» كقوله ـ تعالى ـ : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) [الأنعام : ١٢٤] ؛ فـ «حيث» ـ هنا ـ مفعول به لا مفعول فيه ، وهو فى موضع نصب بفعل مقدر يدل عليه «أعلم».
__________________
(١) نص عبارة سيبويه : «مررت بعبد الله خير منه أبوه ...». ينظر : الكتاب (٢ / ٣٤).