وقد جعل سيبويه (١) «ذا الجمّة» من «يا هذا ذا الجمّة» : عطف بيان ، مع أن تخصص هذا زائد على تخصصه فعلم أن مذهب الجرجانى والزمخشري (٢) فى ذلك مخالف لمذهب سيبويه.
وإلى جواز كون المعطوف عطف بيان دون متبوعه فى الاختصاص أشرت بقولى :
فهو الأصحّ ... |
|
... |
والتزم بعض النحويين تعريف التابع والمتبوع فى عطف البيان ، وكلام الزمخشرى فى «المفصل» يوهم ذلك.
وقد جعل فى الكشاف (٣) «صديدا» من : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) [إبراهيم : ١٦] عطف بيان ؛ فعلم أنه لا يلتزم فيه التعريف ، وهو الصحيح.
وأجاز أبو على فى «التذكرة» : العطف والإبدال فى «طعام» من قوله ـ تعالى ـ : (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ) [المائدة : ٩٥]
وأكثر النحويين يجعلون عطف بيان التابع المكرر به لفظ المتبوع كقول الراجز : [من الرجز]
إنّى وأسطار سطرن سطرا |
|
لقائل يا نصر نصر نصرا (٤) |
والأولى عندى جعله توكيدا لفظيا ؛ لأن عطف البيان حقه أن يكون للأول به زيادة
__________________
(١) عبارة سيبويه : وإنما قلت : يا هذا ذا الجمّة ؛ لأن ذا الجمّة لا توصف به الأسماء المبهمة ، إنما يكون بدلا أو عطفا على الاسم إذا أردت أن تؤكد. ينظر : الكتاب (٢ / ١٩٠).
(٢) قال الزمخشرى عن تعريف عطف البيان : «هو اسم غير صفة يكشف عن المراد كشفها وينزل من المتبوع منزلة الكلمة المستعملة من الغريبة إذا ترجمت بها ، وذلك نحو : أقسم بالله أبو حفص عمر ، أراد عمر بن الخطاب. رضى الله عنه. فهو كما ترى جار مجرى الترجمة ؛ حيث كشف عن الكنية ؛ لقيامه بالشهرة فيها». ينظر : شرح المفصل : (٣ / ٧١).
(٣) قال الزمخشرى : «فإن قلت : ما وجه قوله تعالى : (مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) [إبراهيم : ١٦] قلت : صديد عطف بيان لماء ...». ينظر : الكشاف : (٢ / ٥٤٦).
(٤) الرجز لرؤبة فى ديوانه ص ١٧٤ ، وخزانة الأدب ٢ / ٢١٩ ، والخصائص ١ / ٣٤٠ ، والدرر ٤ / ٢٢ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٤٣ ، وشرح المفصل ٢ / ٣ ، والكتاب ٢ / ١٨٥ ، ١٨٦ ، ولسان العرب (نصر) ، ولذى الرمة فى شرح شذور الذهب ص ٥٦٤ ، وليس فى ديوانه ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٢٩٧ ، والأشباه والنظائر ٤ / ٨٦ ، والدرر ٦ / ٢٦ ، ولسان العرب (سطر) ، ومغنى اللبيب ٢ / ٣٨٨ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٠٩ ، والمقتضب ٤ / ٢٠٩ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٤٧ ، ٢ / ١٢١.