«جاء كلا أخويك» ، و «رأيت كلا أخويك» ، و «مررت بكلا أخويك».
وأشرت بقولى :
إلا قليلا ...
إلى لغة حكاها الفراء (١) منسوبة إلى كنانة (٢).
فيقال على لغتهم : «جاء كلا أخويك» ، و «رأيت كلى أخويك» ، و «مررت بكلى أخويك».
فيجرون «كلا» مجرى المثنى مع الظاهر ، كما يجريه الجميع مجراه مع المضمر.
و «كلتا» فى جميع ما ذكر مثل «كلا».
وقولنا :
... والمثنّى قد يرد |
|
بألف فى كلّ حال ... |
أشير به إلى لغة بنى الحارث بن كعب (٣) ؛ فإنهم يجرون المثنى وشبهه مجرى المقصور ، فتثبت ألفه فى النصب والجر ، كما تثبت فى الرفع. ومنه قراءة من قرأ : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ)(٤) [طه : ٦٣]
__________________
(١) هو يحيى بن زياد بن عبد الله بن مروان الديلمى ، أبو زكريا المعروف بالفراء. إمام من أئمة العربية.
كان أعلم الكوفيين بالنحو بعد الكسائى ، أخذ عنه ، وعليه اعتمد ، وأخذ عن يونس.
وكان يحب الكلام ، ويميل إلى الاعتزال ، وكان متدينا متورعا ، على تيه وعجب وتعظم وكان زائد العصبية على سيبويه ، وكتابه تحت رأسه.
من مصنفاته : معانى القرآن ، البهاء فيما تلحن فيه العامة ، اللغات ، المصادر فى القرآن ، الجمع والتثنية فى القرآن ، أكثر الكتاب ، النوادر ، المقصور والممدود ، وغيرها.
مات رحمهالله سنة سبع ومائتين ، عن سبع وستين سنة ، ينظر : بغية الوعاة (٢ / ٣٣٣) ، رقم (٢١١٥) ، نزهة الألبا (١٢٦) ، مراتب النحويين (٨٦) ، الأعلام للزركلى (٨ / ١٤٥).
(٢) قال الفراء : وقد اجتمعت العرب على إثبات الألف فى (كلا الرجلين) فى الرفع ، والنصب والخفض إلا بنى كنانة ، فإنهم يقولون (رأيت كلى الرجلين) و (مررت بكلى الرجلين) ، وهى قبيحة قليلة ، مضوا على القياس ، ينظر : معانى القرآن : ٢ / ١٨٤.
(٣) وهو الحارث بن كعب بن عمرو بن علة ، من مذحج ، من كهلان ، جد جاهلى ، من نسله : بنو الديان ، وشريح بن هانئ ، ومطرف بن طريف ، وآخرون.
ينظر : الروض الأنف (٢ / ٤٥) ، جمهرة الأنساب (٣٩١) ، الأعلام (٢ / ١٥٧).
(٤) اختلف القراء فى هذه الآية الكريمة فقرأ ابن كثير وحده : «إن هذان» بتخفيف «إن» والألف وتشديد النون. وحفص كذلك إلا أنه خفف نون «هذان». وقرأ أبو عمرو «إن» بالتشديد «هذين» بالياء وتخفيف النون. والباقون كذلك إلا أنهم قرءوا «هذان» بالألف.
فأما القراءة الأولى ، وهى قراءة ابن كثير وحفص فأوضح القراءات معنى ولفظا