__________________
وخطا ، وذلك أنهما جعلا (إن) المخففة من الثقيلة فأهملت ، ولما أهملت كما هو الأفصح من وجهها خيف التباسها بالنافية فجىء باللام فارقة فى الخبر ، فـ «هذان» مبتدأ ، و «لساحران» خبره ، ووافقت خط المصحف ، فإن الرسم «هذان» دون ألف ولا ياء (وسيأتى بيان ذلك).
وأما تشديد نون «هذان» فعلى ما تقدم فى سورة النساء متقنا ، وأما الكوفيون فيزعمون أن «إن» نافية (بمعنى (ما) واللام (بمعنى) إلا وهو خلاف مشهور ، وقد وافق تخريجهم هنا قراءة بعضهم «ما هذان إلا ساحران».
وأما قراءة أبى عمرو فواضحة من حيث الإعراب والمعنى ، أما الإعراب فـ (هذين) اسم «إنّ) وعلامة نصبه الياء ، و «لساحران) خبرها ، ودخلت اللام توكيدا ، وأما من حيث المعنى فإنهم أثبتوا لهما السحر بطريق تأكيدى من طرفيه ، ولكنهم استشكلوها من حيث خط المصحف ، وذلك أنه رسم «هذان» بدون ألف ولا ياء ، فإتيانه بالياء زيادة على خط المصحف.
قال أبو إسحاق : لا أجيز قراءة أبى عمرو لأنها خلاف المصحف.
وقال أبو عبيد : رأيتها فى الإمام مصحف عثمان يعنى «هذان» ليس فيها ألف وهكذا رأيت رفع الاثنين فى ذلك المصحف بإسقاط الألف ، وإذا كتبوا النصب والخفض كتبوه بالياء ولا يسقطونها.
قال شهاب الدين : وهذا لا ينبغى أن يرد به على أبى عمرو ، وكم جاء فى الرسم أشياء خارجة عن القياس ، وقد نصّوا على أنه لا يجوز القراءة بها ، فليكن هذا منها ؛ أعنى : مما خرج عن القياس ، فإن قلت ما نقلته عن أبى عبيد مشترك فى الإلزام بين أبى عمرو وغيره ، فإنهم كما اعترضوا عليه بزيادة الياء يعترض عليهم بزيادة الألف ، فإن الألف ثابتة فى قراءتهم ساقطة من خط المصحف.
فالجواب ما تقدم من قول أبى عبيد إنه رآهم يسقطون الألف من رفع الاثنين فإذا كتبوا النصب والخفض كتبوه بالياء ، وذهب جماعة ؛ منهم : عائشة ـ رضى الله عنها ـ وأبو عمرو إلى أن هذا مما لحن فيه الكاتب وأفهم بالصواب يعنون أنه كان من حقه أن يكتبه بالياء فلم يفعل ، فلم يقرأه الناس إلا بالياء على الصواب. وأما قراءة الباقين ففيها أوجه :
أحدها : أنّ «إنّ» بمعنى نعم ، و «هذان» مبتدأ ، و «لساحران» خبره ، ومن ورود «إنّ» بمعنى نعم قوله :
بكر العواذل فى المشي |
|
ب يلمننى وألومهنّه |
يقلن شيب قد علا |
|
ك وقد كبرت فقلت إنّه |
أى فقلت : نعم ، والهاء للسكت ، وقال رجل لابن الزبير : لعن الله ناقة حملتنى إليك. فقال إنّ صاحبها أى نعم ولعن صاحبها. وهذا رأى المبرد وعلى بن سليمان.
وهو مردود من وجهين :
أحدهما : عدم ثبوت «إنّ» بمعنى «نعم» وما أوردوه يؤول ، أما البيت فإن الهاء اسمها ، والخبر محذوف لفهم المعنى تقديره : إنه كذلك ، وأما قول ابن الزبير فذاك من حذف المعطوف عليه وإبقاء المعطوف ، وحذف خبر «إنّ» للدلالة عليه تقديره : إنها