__________________
ـ أعرف منها الأنف والعينانا |
|
ومنخرين أشبها ظبيانا |
وروى ابن جنى عن قطرب :
هيّاك أن تبكى بشعشعان |
|
خبّ الفؤاد مائل اليدان |
قال الفراء : وذلك ـ وإن كان قليلا ـ أقيس ؛ لأن ما قبل حرف التثنية مفتوح فينبغى أن يكون ما بعده ألفا لانفتاح ما قبلها. وذكر قطرب أنهم يفعلون ذلك فرارا إلى الألف التى هى أخف حروف المد ويقولون : كسرت يداه ، وركبت علاه ، يعنى يديه وعليه ، وقال شاعرهم :
تزوّد منّا بين أذناه ضربة |
|
دعته إلى هابى التّراب عقيم |
إلى غير ذلك من الشواهد.
واستدل لقراءة أبى عمرو بأنها قراءة عثمان وعائشة وابن الزبير وسعيد بن جبير ، روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ أنها سئلت عن قوله تعالى : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) وعن قوله : («إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا (وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى»)) (فى المائدة) ، وعن قوله : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ) إلى قوله : (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) ، فقالت : يا ابن أخى هذا خطأ من الكاتب. وروى عن عثمان أنه نظر فى المصحف ، فقال : أرى فيه لحنا وستقيمه العرب بألسنتها.
وعن أبى عمرو أنه قال : إنّى لأستحى أن أقرأ(إِنْ هذانِ لَساحِرانِ).
وقرأ ابن مسعود : «وأسرّوا النّجوى أن هذان ساحران» بفتح «أن» وإسقاط اللام على أنها وما فى خبرها بدل من «النّجوى» كذا قاله الزمخشرى ، وتبعه أبو حيان ولم ينكره ، وفيه نظر لأن الاعتراض بالجملة القولية بين البدل والمبدل منه لا يصح.
وأيضا : فإن الجملة القولية مفسرة للنجوى فى قراءة العامة. وكذا قاله الزمخشرى أولا فكيف يصح أن يجعل «أن هذان ساحران» بدلا من النجوى؟!
وقرأ حفص عن عاصم بتخفيف النونين.
وعن الأخفش : «إن هذان لساحران» خفيفة بمعنى ثقيلة وهى لغة لقوم يرفعون بها ويدخلون اللام ليفرقوا بينها وبين التى تكون فى معنى (ما).
وروى عن أبى بن كعب «ما هذان إلّا ساحران» ، وروى عنه أيضا «إن هذان إلّا ساحران» ، وعن الخليل بمثل ذلك.
وعن أبىّ أيضا : «إن ذان لساحران».
قال المحققون : هذه القراءات لا يجوز تصحيحها ، لأنها منقولة بطريق الآحاد ، والقرآن يجب أن يكون منقولا بالتواتر ، ولو جوزنا إثبات زيادة فى القرآن بطريق الآحاد لما أمكننا القطع بأن هذا الذى هو عندنا كل القرآن ، لأنه لما جاز فى هذه القراءات أنها من القرآن مع كونها ما نقلت بالتواتر جاز فى غيرها ذلك ؛ فثبت أن تجويز كون هذه القراءات من القرآن يطرق جواز الزيادة والنقصان والتغيير فى القرآن ، وذلك يخرج القرآن عن كونه حجة ، ولما كان ذلك باطلا فكذلك ما قرئ.
وأما الطعن فى القراءة المشهورة فلو حكمنا ببطلانها جاز مثله فى جميع القرآن ،