والله لا أرى إلاّ رأياً ترونه إن شاء الله (١).
فعلى هذا فلم تكن للامام يوم بويع ولابعده ولا بعد شهور ، أيّة مقدرة على القاء القبض على القاتلين ، وإلاّ لثارت تلك الجماهير على عليّ وخلافته الفتَّية ، وكانت المصيبة أعظم.
سادساً : لاشكّ انّ طلحة والزبير نكثا البيعة واخرجا زوجة رسول الله من بيتها ، وقد دخلوا البصرة بعنف وقتلوا حرس القصر ، إلى غير ذلك من الاُمور التي لايشكّ فيها أيّ ملمّ بالتاريخ ، ولكن القوم يذكرون الرجلين بخير وصلاح ويسترحمون عليهما ويرونهما من العشرة المبشّرة بالجنّة ولا يرون أعمالهم الإجرامية مخالفة لطهارتهما ، ويبّررون أعمالهم بالاجتهاد كما يبرّرون به عمل معاوية وغيرهم من المجرمين الطغاة حتى عمل مسلم بن عقبة ذلك الطاغي الذي أباح أعراض نساء المدينة لجيشه ثلاثة أيّام.
فلو صحّ ذلك التبرير فلماذا لايصحّ في حقّ هؤلاء الذين هاجموا بيت الخليفة واجهزوا عليه؟ فكانوا مجتهدين في الرأي ، مخطئين في النتيجة ، فلهم اُجر واحد ، كما أنّ للمصيب أجرين؟. ولكن لانرى أيّة كلمة حول هؤلاء يبرّر بها عملهم ، فما هذا التفريق بين المتماثلين؟ ولماذا تُقيَّمُ الاُمور بمكيالين.
سابعاً : نقل المؤرّخون انّه لمّا قتل عمر ، وثب عبيدالله بن عمر فقتل الهرمزان وابنة أبي لؤلؤ ، فلمّا بلغ الخبر عمر ، قال : إذا أنا متّ فاسألوا عبيدالله البيّنة على الهرمزان ، هل هو قتلني؟ فإن أقام البيّنة فدمه بدمي ، وان لم يقم البيّنة فأقيدوا عبيدالله من الهرمزان ، فلمّا ولي عثمان (رضي الله عنه) قيل له : ألا تمضي وصيّة عمر (رضي الله عنه) في عبيدالله؟ قال : ومن وليّ الهرمزان؟ قالوا :
__________________
١ ـ الطبري : التاريخ ٣ / ٤٥٨