ثمّ أهوى إلى ثوبه يتناوله من الأرض وكان سقط عنه لمّا افزعوه ، فقالوا له : افزعناك؟ قال : نعم. قالوا له : لاروع عليك ، فحدثنا عن أبيك بحديث سمعه من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلّ الله ينفعنا به. قال : حدثني أبي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ فتنة تكون ، يموت فيها قلب الرجل كما يموت فيها بدنه ، يمسي فيها مؤمناً ويصبح فيها كافراً ، ويُصْبح كافراً ، ويمسي فيها مؤمناً. فقالوا : لهذا الحديث سألناك.
فما تقول في أبي بكر وعمر؟ فأثنى عليهما خيراً. قالوا : ما تقول في عثمان في أوّل خلافته وفي آخرها؟ قال : إنّه كان محقّاً في أوّلها وفي آخرها. قالوا : فما تقول في علي قبل التحكيم وبعده؟ قال : إنّه أعلم بالله منكم ، وأشدّ توقّياً على دينه ، وأنفذ بصيرة. فقالوا : إِنّك تتبع الهوى وتوالي الرجال على أسمائها لاعلى أفعالها. والله لنقتلنّك قتلة ما قتلناها أحداً ، فأخذوه فكتّفوه ثمّ أقبلوا به وبامرأته وهي حُبلى متمٌّ ، حتى نزلوا تحت نخلة مواقر ، فسقطت منه رطبة فأخذها أحدهم فقذف بها في فمه ، فقال أحدهم : بغير حلّها وبغير ثمن؟ فلفضها وألقاها من فمه ، ثمّ أخذ سيفه فأخذ يمينه ، فمرّ به خنزير لأهل الذمّة فضربه بسيفه ، فقالوا : هذا فساد في الأرض ، فأتى صاحب الخزير فأرضاه من خنزيره.
فلمّا رأى ذلك منهم ابن خباب قال : لئن كنتم صادقين فيما أرى ، فما عَلَيَّ منكم بأس إنّي لمسلم ما أحدثت في الاسلام حدثاً ولقد آمنتموني. قلتم : لاروع عليك. فجاءوا به فأضجعوه فذبحوه ، وسال دمه في الماء وأقبلوا إلى المرأة ، فقالت : إنّما أنا أمراة ألاتتّقون الله؟ فبقروا بطنها.
وقتلوا ثلاث نسوة من طىّ وقتلوا اُمّ سنان الصيداوية ، فبلغ ذلك عليّاً ومن معه من المسلمين من قتلهم عبدالله بن خباب واعتراضهم الناس ، فبعث