مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وطعَنُوا فِي دِيْنِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الكُفْرِ إنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ ) (١). فجامع أهل الاسلام ما شاءالله ، وعمل بالحق ، وقد يعمل الإنسان بالاسلام زماناً ثم يرتد عنه. وقال الله : ( إنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وامْلَى لَهُمْ ) (٢).
فلمّا استحلّ معصية الله وترك سنّة من كان قبله من المؤمنين ، علم المؤمنون أنّ الجهاد في سبيل الله أولى ، وأنّ الطاعة في مجاهدة عثمان على أحكامه. فهذا من خبر عثمان والذي فارقناه فيه ، ونطعن عليه اليوم ، وطعن عليه المؤمنون قبلنا ، وذكرت أنّه كان مع رسول الله وختنه (٣) ، فقد كان عليّ بن أبي طالب أقرب إلى رسول الله وأحبّ إليه منه ، وكان ختنه ومن أهل الإسلام. وأنت تشهد عليه بذلك وأنا بعد على ذلك ، فكيف تكون قرابته من محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم نجاةً إذا ترك الحق وضلّ كفراً (٤).
واعلم ، إنّما علامة كفر هذه الاُمّة كفرها الحكم بغير ما أنزل الله ، ذلك بأنّ الله قال : ( ومنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأولئِكَ هُمُ الكَافِرُون ) (٥).فلا أصدق من الله قيلا ، وقال : ( فَبِأيِّ حَدِيث بَعْدَ اللهِ واياتِهِ يُؤْمِنُونَ ) (٦).
__________________
١ ـ التوبة : ١٢.
٢ ـ محمّد : ٢٥.
٣ ـ الختن : زوج الابنة. الجمع أختان.
٤ ـ قال سبحانه لنبيّه : ( لَئِنْ اَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) الزمر / ٦٥ ، ولكن الكلام في وقوع الشرط. إنّ الإمام لم يشرك ، ولم يضل أبداً. إنّما ترك الحق اُولئِكَ الذين ألجأوه إلى إجابة دعوة الشاميين ، وحذّروه من مواصلة الحرب وقد كان الامام على أعتاب النصر ، وقد بلغوا في اللجاج والعناد إلى حدّ لم يمهلوا القائد لقواته ـ الأشتر ـ عدوة فرس أو فواق ناقة ، فلاحظ.
٥ ـ المائدة : ٤٤.
٦ ـ الجاثية : ٦.