فلا يغرّنّك يا عبدالملك بن مروان ، عثمان عن نفسك ، ولاتسند دينك إلى الرجال يتمنّون ويريدون ويستدرجون من حيث لايعلمون ، فإنّ أملك الأعمال بخواتمها ، وكتاب الله جديد ينطق بالحق أجارنا الله باتباعه أن نضل او نبغي (١) فاعتصم بحبل الله يا عبدالملك واعتصم بالله ، وإنّه من يعتصم بالله يهده صراطاً مستقيماً. وهو حبل الله الذي أمر المؤمنين أن يعتصموا به ولايتفرّقوا. وليس حبل الله الرجال من أيّهم حَسُنَ ينهبون ويطعنون ، فاُذكّرك الله لما أن تدبّرت القرآن فإنّه حق. وقال الله : ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوب أقْفالُها ) (٢).فكّن تابعاً لما جاء من الله تهتدي ، وبه تخاصم من خاصمك من الناس ، وإليه تدعو وبه تحتجّ ، فإنّه من يكن القرآن حجّته يوم القيامة به يخاصم من خاصمه ويفلح في الدنيا والآخرة. فإنّ الناس فقد اختصموا ( إنَّكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ) (٣) فتعمل لما بعد الموت ولايغرّنّك بالله الغرور.
وأَمّا قولك في شأن معاوية بن أبي سفيان أنّ الله قام معه وعجّل نصره وأفلح حجّه وأظهره على عدوّه بطلب دم عثمان ، فإن يكن يعتبر الدين من قبل الدولة أن يظهر الناس بعضهم على بعض في الدنيا فإنّا لانعتبر الدين بالدولة ، فقد ظهر المسلمون على الكافرين لينظر كيف يعملون ، وقد ظهر الكفّار على المسلمين ليبتلي المسلمين بذلك ويعلى الكافرين (٤). وقال : ( وتلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وليَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا ويتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ واللهُ لايُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وليمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا ويمْحَقَ الكافِرِين ) (٥).
__________________
١ ـ وفي نسخة : « أن نبغي أو نضل ».
٢ ـ محمّد : ٢٤.
٣ ـ الزمر : ٣١ ـ
٤ ـ وفي نسخة « ويملأ الكافرين ».
٥ ـ آل عمران ١٤٠ ـ ١٤١.