فإن كان الدين إذا ظهر الناس بعضهم على بعض فقد سمعت الذي أصاب المشركون من يوم اُحُد ، وقد ظهر الذين قتلوا ابن عفان عليه وعلى شيعته يوم الدار (١) وظهر أيضاً عليّ ، على أهل البصرة وهم شيعة عثمان (٢) ، وظهر المختار على ابن زياد(٣) ، وأصحابه وهم شيعتهم ، وظهر معصب الخبيث على المختار (٤) وظهر ابن السجف على أخنس بن دلجة وأصحابه ، وظهر أهل الشام على أهل المدينة (٥) ، وظهر ابن الزبير على أهل الشام بمكة يوم استفتحوا منها ما حرّم الله عليكم وهم شيعتكم.
فإن كان هؤلاء على الدين فلايعتبر الدين من قبل الدولة ، فقد يظهر الناس بعضهم على بعض ويعطي الله رجالا ملكاً في الدنيا ، فقد أعطى فرعون ملكاً وظهر في الأرض ، وقد أعطى الذي حاجّ إبراهيم في ربّه ، وقد أعطى فرعون ما سمعت.
ثمّ إنّما اشترى معاوية (٦) الإمارة من الحسن بن علي ، ثمّ لم يف له بالذي
____________
١ ـ اقتحم الثوار على عثمان بن عفان داره ، بعد أن نشب القتال بينهم وبين من تصّدى للدفاع عنه وذلك في الثامن عشر من ذي الحجّة سنة ٣٥ هـ وقتلوه وعرف ذلك اليوم بـ « يوم الدار ».
٢ ـ يشير إلى انتصار الإمام علي بن أبي طالب في وقعة الجمل ، التي دارت بينه وبين عائشة وطلحة والزبير وذلك في جمادى الآخرة سنة ٣٦ هـ.
٣ ـ أرسل المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، جيشاً بقيادة إبراهيم بن الأشتر لقتال عبيدالله بن زياد عامل الأمويين. وسار إبراهيم بن الأشتر حين لقى ابن زياد ومن معه من أهل الشام على نهر الخازر(نهر بين اربيل والموصل ويصب في دجلة) فدارت الدائرة على ابن زياد وقتل هووكثير من أهل الشام وحمل رأسه إلى المختار.
٤ ـ هزم المختار وقتل في الكوفة سنة ٦٧ هـ في الحرب التي دارت بينه وبين مصعب بن الزبير.
٥ ـ حاضر مسلم بن عقبة المري ، المدينة المنورة ، من ناحية الحرة وفتحها وأباحها ، وذلك في أثناء حكم يزيد بن معاوية.
٦ ـ تعبير خاطئ والصحيح : تصالح الإمام مع معاوية بعد ما أتمّ الحجّة على الاُمّة.