عاهده عليه ، وقال : ( واوْفُوا بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ ولا تَنقُضُوا الأيْمَانَ بَعْدَ تَوْكيدِها وقدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلا اِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * ولا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّة أنْكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّة إنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وليُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ ما كُنْتُم فِيهَ تَخْتَلِفُونَ ) (١).
فلا تسأل عن معاوية ولا عن عمله ولا صنيعه ، غير أنّا قد أدركنا ورأينا عمله وسيرته في الناس ولا نعلم من الناس أحداً (٢) أترك للقسمة التي قسمها اللّه ، ولا لحكم حكمه الله ، ولاأسفك لدم حرام منه ، فلو لم يصب من الدماء إلاّ دم ابن سمية (٣) لكان في ذلك ما يكفّره.
ثمّ استخلف ابنه يزيد فاسقاً من الناس لعيناً يشرب الخمر المكفر فيكفيه من السوء ، وكان يتبع هواه بغير هدى من الله وقال الله : ( ومنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللهِ إنَّ الله لا يَهدِى القَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (٤). فلم يخف عمل معاوية ويزيد على كل ذي عقل من الناس ، فاتّق الله يا عبدالملك ولاتخادع من نفسك في معاوية!! فقد بلغنا أنّ أهل البيت يطعنون على معاوية ويزيد وعملهما وما رأى من خبر معاوية من بعدهما ، فالذي طعنّا عليهما وعليه وفارقناه عليه ، فإنّ منهم فتنة كمن يكون يتولّى عثمان ومن بعده. فإنّا نشهد الله والملائكة أنّا منهم
__________________
١ ـ النحل : ٩١ ـ ٩٢.
٢ ـ كتب في المخطوطة : « شيئاً لأحد ».
٣ ـ يشير إلى ما عمله معاوية بن أبي سفيان في سنة ٤٥ هـ حين ردّ اعتبار زياد بن سمية في نسبه فأحبّ أن يجعله أخاه وأتى بشهود شهدوا بأنّه ابن أبي سفيان ، وهذا ما يعبّر عنه بالاستلحاق. وأصبح زياد يعرف باسم زياد بن أبي سفيان بعد أن كان يعرف باسم زياد بن سمية أو زياد بن أبيه. وقد دفع معاوية إلى ذلك الاعتبارات السياسية ، ومنذ أن اعترف معاوية بن أبي سفيان بزياد أخاً له وابناً غير شرعي لأبيه ، تفانى زياد في خدمة البيت الأموي.
٤ ـ القصص : ٥٠.