والقضاء على الخلافة الشرعية.
إنّ النصوص التاريخية تضافرت على أنّ عليّاً أتمّ عليهم الحجّة قبل نشوب نار الحرب ، وقد كان رؤساء المحكّمة أعني عبدالله بن وهب الراسبي وحرقوص بن زهير السعدي ومن في رتبتهما من المحكّمة ، يسمعون كلام عليّ وهو يخاطبهم بأنّهم هم الذين فرضوا على عليّ التحكيم ، فلمّا ندموا طلبوا منه نقض العهد والميثاق المحرّم بنص الذكر الحكيم ، وقد ذكرنا نص علي عند عرض التاريخ.
يقول صالح بن أحمد الصوافي : إنّ علي بن أبي طالب قد مضى بنفسه إلى اُولئك الخارجين عنه وقال لهم : من زعيمكم؟! قالوا : ابن الكواء. قال علي : فما أخرجكم عنّا؟ قال : حكومتكم يوم صفّين. قال : أنشدكم بالله أتعلمون أنّهم حين رفعوا المصاحف ، فقلتم : نجيبهم إلى كتاب الله ، قلت لكم : إنّي أعلم بالقوم منكم ، إنّهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن إنّي صحبتهم وعرفتهم أطفالا ورجالا ، فكانوا شرّ أطفال وشرّ رجال. اُمْضُوا على حقّكم وصدقكم ، فإنّما رفع القوم هذه المصاحف خديعة ودهناً ومكيدة ، فرددّتم عَلَيّ ، وقلتم : لا ، بل نقبل منهم ، فقلت لكم : اذكروا قولي لكم ومعصيتكم إيّاي ، فلمّا أبيتم إلاّ الكتاب اشترطت على الحكمين أن يحييا ما أحيا القرآن ، وأن يميتا ما أمات القرآن ، فإن حكما بحكم القرآن ، فليس لنا أن نخالف حكماً يحكم به بما في القرآن. وإن أبيا فنحن من حكمهما براء ، قالوا له : فخبرنا ، أتراه عدلا تحكيم الرجل في الدماء؟ .... فقال : إنّا لم نُحكِّم الرجال ، إنّما حكَّمنا القرآن ، وهذا القرآن هو خط مسطور بين دفّتين لاينطق ، إنّما يتكلّم به الرجل ... قالوا : فخبرنا عن الأجل لِمَ جعلته فيما بينك وبينهم؟ قال : ليعلم الجاهل ، ويثبت العالم ، ولعلّ الله ـ عزّوجلّ ـ يصلح في هذه الهدنة هذه الاُمّة ... ادخلوا مصركم ، رحمكم الله ...