التطهير ، فلا مانع من أن يكون التطهير سببا لتنجيس المطهّر ، وأمّا طهارته من هذه الجهة بمعنى عدم تأثّره من الملاقاة فلا ، بل لو فرض وقوع التصريح بهذه القاعدة في النصوص والفتاوى ، لم يكن يستفاد منها أزيد من ذلك ، لأنّ ما هو من فروع الحكم لا يمكن أخذه قيدا في موضوع القضيّة ، فلا يستفاد من مثل قولنا : يشترط في المطهّر أن يكون طاهرا ، أو : لا يكون مستعملا في رفع الحدث ، أزيد من اشتراط طهارته وعدم كونه مستعملا من حيث هو ، مع قطع النظر عن استعماله في التطهير ، وأمّا أنّه يشترط فيه عدم انفعاله بهذا الاستعمال إلى أن يحصل الفراغ من التطهير فلا يعمّه هذا الكلام ، بل لو ثبت بدليل آخر من إجماع ونحوه أنّه لا ينفعل بهذا الاستعمال ما دام التشاغل بالفعل ، لكان ذلك حكما تعبّديّا شرعيّا ثابتا لموضوع المطهّر ، ككونه مطهّرا لا شرطا في مطهّريّته ، فليتأمّل.
والحاصل : أنّ المسلّم من الاشتراط إنّما هو خلوّ المطهّر عن نجاسة خارجيّة ، وأمّا عدم انفعاله بالملاقاة الحاصلة في ضمن التطهير فلا.
هذا ، مع أنّ مدرك هذه القاعدة إمّا القاعدة الثالثة ، وسنتكلّم فيها ، وإمّا الأخبار الآمرة بإراقة الماء ونظائرها ممّا يستفاد منها عدم جواز التطهير به ، وإمّا الإجماعات والأخبار الدالّة على عدم جواز الانتفاع بأعيان النجاسات وما بحكمها من المائعات المتنجّسة بدعوى أنّ التطهير بها نحو من الانتفاع ، فلا يجوز ، مع أنّه جائز قطعا فيجب أن لا يكون نجسا.