وفيه أنّ تلك الأخبار والإجماعات لا تعمّ ما لو حصلت النجاسة بنفس الانتفاع ، لما أشرنا إليه من أنّ ما هو من توابع الحكم لا يمكن أخذه قيدا للموضوع.
وكيف كان فلا يمكن استفادة عدم انفعال الماء بهذه الملاقاة من شيء من تلك الموارد.
وأمّا القاعدة الثالثة ـ وهي أنّ كلّ نجس منجّس ، فلا يكون مطهّرا ـ فهي أيضا قاعدة مسلّمة ، ولا تحتاج إلى التتبّع ، إلّا أنّها متخصّصة جزما ، لأنّ النقض بها مشترك الورود ، لأنّ الالتزام بعدم انفعال الماء بالمحلّ ليس بأولى من التزام عدم انفعال المحلّ بالماء النجس ، بل الثاني أولى وأقرب من الذهن ، بل هو في الحقيقة بنظر العقل تخصّص لا تخصيص ، لأنّ ما تأثّر عن الشيء يمتنع أن يؤثّر فيه بمثل الأثر الموجود.
نعم يمكن أن يؤثّر فيه خلافه بنقل ما فيه إلى نفسه ، ولذا لا يلتفت الذهن في بادئ النظر إلى المنافاة بين هذه القاعدة المسلّمة وبين نجاسة الغسالة مع حصول التطهير بها ، بل يجعلها من آثارها ، وهذا بخلاف ما لو القي عليه طهارة الغسالة ، كماء الاستنجاء ، فإنّه يستغربه ويدرك المنافاة بينهما في بادئ النظر.
وسرّه : ما أشرنا إليه من أنّه لمّا كان منفعلا بالمحلّ لا يتعقّلون انفعال المحلّ به ثانيا حتّى يكون منافيا للقاعدة المغروسة في أذهانهم.
ومن أدلّة القائلين بالطهارة طوائف من الأخبار :