وفيه : أنّه كما لا تنفكّ غالبا عن الماء المستعمل كذلك لا تنفكّ غالبا عن ملاقاة النجس ، كما تشهد بذلك ـ مضافا إلى العرف والعادة ـ الأخبار الدالّة على أنّ دخول اليهودي والنصراني والمجوسي في حمّاماتهم كان متعارفا في تلك الأزمنة.
فعلى هذا إن تمّ الاستدلال بهذه الرواية وأغمض عن معارضتها بغيرها ، لوجب الالتزام بعدم الانفعال مطلقا ، والخصم لا يقول به ، فلا بدّ إمّا من حملها على ما وقع الخلاف في حكمها بين العلماء ، وهي الغسالة التي لم يعلم نجاستها ، أو على المياه المجتمعة في الحمّام المتّصلة بالمادّة ولو بجريان الماء إليها من الحياض الصغار.
كما يؤيّده ما رواه محمّد بن إسماعيل عن حنان ، قال : سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله عليهالسلام : «إنّي أدخل الحمام في السحر وفيه الجنب وغير ذلك فأقوم واغتسل فينتضح عليّ ـ بعد ما أفرغ ـ من مائهم ، قال :«أليس هو جار؟» قلت : بلى ، قال : «لا بأس به» (١).
أو حملها على غيره من المحامل.
بل الإنصاف أنّ هذه الرواية في حدّ ذاتها مجملة ، فإنّ الغسالة التي سئل عن حكمها غير معلوم حالها ، لاحتمال كونها مقدار الكرّ ، كما هو الغالب في مجمع غسالة الحمام ، والعادة قاضية بعدم انفكاك مثل هذا
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٤ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ٣٧٨ ـ ١١٦٩ ، وليس فيه : عن حنان ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الماء المضاف والمستعمل ، الحديث ٨.