الماء ـ بعد فرض وجوده في الحمّام ـ عن الاتّصال بما يتزايد عن الحياض الصغار حين اتّصالها بالمادّة ، فيحتمل أن يكون الوجه في نفي البأس : صيرورته طاهرا لأجل الاتّصال بالماء العاصم ولو في بعض الأزمنة ، فيبقى على طهارته إلى أن يغيّره النجاسة ، أو يكون الوجه فيه : إباء الماء البالغ حدّ الكرّ عن تحمّل النجاسة ، كما هو قول بعض ، أو يكون المراد منه المياه المجتمعة التي لم يعلم ملاقاتها للنجس ، ومع تطرّق مثل هذه الاحتمالات كيف يمكن الاستدلال بها لطهارة الغسالة مع مخالفتها للأصول والقواعد المتقنة!؟
ومنها : ما ورد من أمر النبي صلىاللهعليهوآله بتطهير المسجد من بول الأعرابي بصبّ ذنوب من الماء عليه (١).
فعن الخلاف أنّ النبي صلىاللهعليهوآله لا يأمر بطهارة المسجد بما يزيده نجسا ، فيلزم أن يكون الماء باقيا على طهارته (٢).
وفيه : أن رواية ـ على ما في محكي المعتبر ـ أبو هريرة ، قال بعد حكايتها : إنّها عندنا ضعيفة الطريق ومنافية للأصول ، لأنّا بيّنّا أنّ الماء المنفصل عن محلّ النجاسة نجس تغيّر أم لم يتغيّر ، لأنّه ماء قليل لاقى نجسا (٣).
أقول : وفيه أيضا أنّها قضيّة في واقعة لم يعلم وجهها ، لاحتمال أن
__________________
(١) سنن أبي داود ١ : ١٠٣ ـ ٣٨٠.
(٢) حكاه عنه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٥٢ ، وراجع : الخلاف ١ : ٤٩٥ ، المسألة ٢٣٥.
(٣) حكاه عنه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٥٣ ، وراجع : المعتبر ١ : ٤٤٩.