«صبّه في الإناء» فصبّه في الإناء (١) ، فإنّ الأمر بالإراقة لا يكون إلّا مع النجاسة (٢). انتهى كلامه رفع مقامه.
أقول : وضوح الحال في مثل هذه الروايات وعدم مكافئتها للأخبار المتواترة القطعية الدلالة على انفعال الماء القليل في الجملة ، المقتضية للحكم بالانفعال في سائر أنواع النجاسات بعدم القول بالفصل ، أغنانا عن التكلّم في دلالة الرواية ، والتكلّم في خصوص ما ذكره من المعارض في صلاحيته للمعارضة.
هذا ، مع أنّ في الرواية ما فيها ، وقد أشار إليه شيخنا المرتضى ـ رحمهالله ـ في كلامه المتقدّم حيث أومأ الى أنّ هذا الفعل منشأ لتنفّر الطباع ، فلا ينبغي صدوره عن أئمّة الجماعة والجمعة ، فكيف يعقل صدوره عن إمام الأمّة!؟
مضافا الى أنّ مرجوحيته مقطوع بها ، إذ لو لم نقل بالنجاسة فلا أقلّ من الكراهة الشديدة ، فصدوره بعيد عن ساحتهم بمراتب.
واحتمال صدوره عنهم لإرشاد العباد الى جوازه ، مدفوع : بأنّ هذا في ما إذا لم يكن البيان القولي وافيا بتمام المراد ، فيعرض للفعل جهة حسن تكافئ مرجوحيته الذاتية ، وأمّا إذا كان القول أوفى ـ كما في ما نحن فيه ـ فلا ، خصوصا مثل هذا الفعل الموجب لتنفّر الطباع ، فالمتعيّن
__________________
(١) التهذيب ١ : ٣٣٩ ـ ٦٩٣ ، الإستبصار ١ : ٤٠ ـ ١١٢ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٨.
(٢) كتاب الطهارة : ١٠.