ـ التي قلّما يتحقّق لها مصداق خارجي ـ بمثل هذا القيد الموهم لخلاف المقصود ، بل الظاهر المتبادر من هذا التقييد ليس إلّا التحرّز عن صورة تعجيل الجفاف لأمر عارضي بلا فصل معتدّ به عرفا بحيث تنتفي المتابعة العرفيّة.
وكيف كان ، فالأقوى ما ذهب إليه الصدوقان ، وفاقا لصريح جماعة منهم : أصحاب المدارك والحدائق والمشارق (١) وجميع مشايخنا المتأخّرين الذين عثرنا على أقوالهم ، بل في طهارة شيخنا المرتضى رحمهالله :لم نعثر على مصرّح بخلافه ممّن وصل إلينا كلماتهم المحكيّة في الذكرى وغيرها (٢) ، لا لما ذكره في المدارك (٣) ـ في ردّ الشهيد المدّعي لمخالفته للأخبار الكثيرة ـ من اختصاص مورد أخبار قدح الجفاف بالجفاف الحاصل بالتفريق حتى يتوجّه عليه بأنّ العبرة بعموم التعليل في قوله عليهالسلام :«إنّ الوضوء لا يتبعّض» (٤) وقوله عليهالسلام : «إنّ الوضوء يتبع بعضه بعضا» (٥) لا بخصوصيّة المورد ، بل لمنع اقتضاء عموم التعليل بطلان الوضوء في الفرض ، بل العموم قاض بصحّته ، لصدق المتابعة وعدم التبعيض.
وما ادّعينا سابقا من أنّ المراد من المتابعة وعدم التبعيض أن يضمّ
__________________
(١) انظر : مدارك الأحكام ١ : ٢٣٠ ، والحدائق الناضرة ٢ : ٣٥١ ، ومشارق الشموس :٢٧.
(٢) كتاب الطهارة : ١٣٤.
(٣) مدارك الأحكام ١ : ٢٣٠.
(٤) الكافي ٣ : ٣٥ ـ ٧ ، الوسائل ، الباب ٣٣ من أبواب الوضوء ، الحديث ٢.
(٥) علل الشرائع : ٢٨٩ ـ ١ ، الوسائل ، الباب ٣٣ من أبواب الوضوء ، الحديث ٦.