اللاحق إلى سابقه قبل ذهاب أثره ـ أي : حصول الجفاف ـ لا نعني به أنّ عدم الجفاف اعتبر قيدا في مفهوم المستعمل فيه ، بل المقصود أنّه يستفاد من القرائن الداخليّة والخارجيّة أنّه يكفي في حصول المتابعة المعتبرة في الوضوء وعدم انقطاع بعضه عن بعض بقاء أثر السابق حال وجود اللاحق ولو مع تخلّل فصل معتدّ به عرفا بحيث لا يصدق المتابعة العرفيّة ، فالتصرّف الشرعي إنّما هو في تعميم موضوع المتابعة وعدم التبعيض بحيث يعمّ هذا الفرد الذي لا يساعد عليه العرف ، لا في استعمال المتابعة في معنى لا يعرفه العرف.
هذا ، مع ما عرفت من نفي البعد من صدق المتابعة عرفا ما دام وجود الأثر ، لأنّ له تأثيرا بنظر العرف على ما يشهد به الوجدان ، فإنّ الفعل الذي انقطع أصله وارتفع فرعه بنظر العرف كأن لم يكن ، بخلاف ما لو كان أثره موجودا ، فإنّه بمنزلة الحادث بالفعل.
ويمكن توجيه كلام صاحب المدارك في ردّ الشهيد رحمهالله : بأنّه بعد أن علم أنّ المراد من العلّة المنصوصة ليس ما يتبادر منها عرفا ـ كما عليه مبنى الاستدلال ـ لا يصحّ التشبّث بعموم العلّة إلّا بعد تعيين ما أريد منها.
والقدر المتيقّن الذي يمكن إثبات إرادته منها بقرينة المورد وغيره ليس إلّا أنّ الجفاف المسبّب عن التفريق موجب لتبعّض الوضوء وانتفاء متابعة بعضه بعضا ، وأمّا كون مطلق الجفاف موجبا لذلك فلا دليل عليه ، فالشكّ إنّما هو في حصول التبعيض وترك المتابعة بالمعنى الذي أريد منهما ، فكيف يتشبّث بعموم العلّة لإثبات البطلان في موارد الشكّ!؟ فيرجع فيها