يدّعى صرف الأخبار عنه إلى إطلاقات الأدلّة العامّة السالمة ممّا يصلح لتقييدها.
نعم ، ربّما يؤيّد هذا القول ما أشرنا إليه فيما تقدّم (١) من أنّ كثيرا من الأصحاب بل الأصحاب بأسرهم ـ كما عن ظاهر الذكرى ـ قد قيّدوا عدم الجفاف بصورة اعتدال الهواء ، وظاهره في بادئ الرأي أنّه تقدير لمقدار زمان جواز التفريق ، وأنّ تأخير الجفاف في الهواء الرطب ممّا لا ينفع ، كما أنّ تعجيله في الهواء الحارّ لا يضرّ. إلّا أنّ التأمّل في كلمات أكثر من تعرّض لهذا التقيد ، خصوصا بالنظر إلى إطلاق كلامهم في حكم ناسي المسح ـ من أنّه يأخذ من بلل وضوئه ما دام بقاؤه ـ ربما يورث الجزم بعدم إرادتهم إلّا ما صرّح به الشهيد قدسسره في الذكرى ـ على ما حكي (٢) عنه ـ من أنّ هذا القيد للاحتراز عن إفراطه في الحرارة ، وأنّه لو بقي البلل في الهواء المفرط في الرطوبة والبرودة لكفى في صحّة الوضوء ، وكذا لو أسبغ وضوءه بماء كثير فبقي البلل.
وممّا يشهد بأنّ التقييد ليس إلّا للتحرّز عن صورة تعجيل الجفاف لا لتقدير زمان جواز التفريق : ما عن المبسوط ، قال : وإن انقطع عنه الماء انتظره ، فإذا وصل إليه وكان ما غسله عليه نداوة ، بنى عليه (٣) ، وإن لم تبق عليه نداوة مع اعتدال الهواء ، أعاد الوضوء (٤). انتهى ، فإنّه صريح في أنّ
__________________
(١) في ص ٢٤.
(٢) حكاه عنه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ١٣٥ ، وانظر : الذكرى : ٩٢.
(٣) نسخة بدل : صحّ وضوؤه.
(٤) حكاه عنه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ١٣٥ ، وانظر : المبسوط ١ : ٢٣.