واستشكل : بأنّ الضمير ما دلّ على متكلم أو مخاطب أو غائب ، و (١) «إيّا» على حدتها لا تدلّ على ذلك.
وأجيب : بأنّها وضعت مشتركة بين المعاني الثلاثة ، فعند الاحتياج إلى التمييز أردفت بحروف تدلّ على المعنى المراد ، كما أردف الفعل المسند إلى المؤنث بتاء التأنيث الساكنة (٢).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وفي اختيار لا يجيء المنفصل |
|
إذا تأتّى أن يجيء المتّصل |
يعني : أنّ الضمير إذا تأتّى اتّصاله لا يجيء منفصلا في الاختيار ، لأنّ وضع الضّمير على الاختصار ، والمتصل أخصر من المنفصل ، فنحو «قمت ـ بضم التّاء ـ ، «وأكرمتك» لا يقال فيهما «قام أنا» ، ولا «أكرمت إيّاك» ، لأنّ التاء أخصر من «أنا» والكاف أخصر من «إيّاك».
وفهم منه أنّه يجيء في غير الاختيار ـ وهو (٣) الضرورة ـ منفصلا مع تأتّي الاتّصال ، كقول الفرزدق :
(٤) ـ ... قد ضمنت |
|
إيّاهم الأرض في دهر الدّهارير |
__________________
بكماله هو الضمير ، ونسب في الهمع للكوفيين. وذهب الخليل والمازني والأخفش ، إلى أن «إيا» ضمير مضاف إلى ما بعده وأن ما بعده ضمير أيضا في محل خفض بإضافة «إيا» إليه ، واختاره ابن مالك. وذهب السيرافي والزجاج إلى أن «إيا» اسم ظاهر لا ضمير ، واللواحق له ضمائر أضيف إليها ، فهي في محل خفض بالإضافة. و «إيا» على اختلاف هذه الأقوال ليست مشتقة من شيء ، وذهب أبو عبيدة إلى أنها مشتقة ، ثم اختلف. فقيل : اشتقاقها من لفظ «أوّ» بتشديد الواو ، من قوله :
فأو لذكراها إذا ما ذكرتها
وقيل : من الأيّة. وفي «إيّا» سبع لغات قرئ بها : تشديد الياء وتخفيفها مع الهمزة ، وإبدالها هاء مكسورة ومفتوحة ، فهذه ثمانية ، يسقط منها فتح الهاء مع التشديد.
انظر الكتاب : ١ / ٣٨٠ ، الإنصاف (مسألة : ٩٨) : ٢ / ٦٩٥ ، الهمع : ١ / ٢١٢ ـ ٢١٣ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣ ، شرح المرادي : ١ / ١٣٦ ، شرح التسهيل لابن مالك :
١ / ١٥٩ ، التسهيل : ٢٦ ، شرح ابن يعيش : ٣ / ٩٨ ، ١٠٠ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٥ ، تاج علوم الأدب : ١ / ١٥٥ ـ ١٥٦ ، حاشية الصبان : ١ / ١١٥ ، شرح الرضي : ٢ / ١٢ ، الجنى الداني : ٥٣٦.
(١) في الأصل : الواو ساقط. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣.
(٢) انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٣.
(٣) في الأصل : وهي.
١٣ ـ قطعة بيت من البسيط للفرزدق في ديوانه (٢٦٦) ، وتمامه :