لأنّه يتأتّى الاتّصال ، فتقول : «قد ضمنتهم» ، لكنّه فصله لضرورة الوزن.
ومثال ما لم يتأتّ فيه الاتصال : أن يتقدم الضمير على عامله نحو (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) [الفاتحة : ٥] ، / ويتأخّر عن عامله ويلي «إلّا» لفظا نحو (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [يوسف : ٤٠] ، أو معنى نحو «إنّما قام أنا».
ثم قال رحمهالله تعالى :
وصل أو افصل هاء سلنيه وما |
|
أشبهه في كنته الخلف انتمى |
كذاك خلتنيه واتّصالا |
|
أختار ، غيري اختار الانفصالا |
يعني : أنّه يجوز اتّصال الضمير وانفصاله في الهاء من «سلنيه» وما أشبهه ، وهو كلّ ثاني ضميرين منصوبين بفعل غير ناسخ للابتداء مع تقديم الأخص منهما ، كما في باب أعطى ، نحو «الدّرهم أعطيتكه ، وأعطيتك إيّاه».
والمختار في ذلك الاتّصال عند جميع النحويين لكونه الأصل ، ولا مرجّح لغيره ، ولذلك اقتصر عليه سيبويه (١) ، وقدّمه النّاظم في قوله : «وصل» (٢) ، مع أنّ التنزيل لم يأت إلا به ، قال الله تعالى : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) [البقرة : ١٣٧].
__________________
بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت |
|
إيّاهم الأرض في دهر الدّهارير |
وقيل : هو لأمية بن أبي الصلت. قوله : «بالباعث» متعلق بـ «حلفت» في البيت الذي قبله ، وهو :
إنّي حلفت ولم أحلف على فند |
|
فناء بيت من السّاعين معمور |
والباعث : الذي يبعث الأموات ويحييهم بعد فنائهم ، والوارث : الذي ترجع إليه الأملاك بعد فناء الملاك. ضمنت : بمعنى تضمنت أي : اشتملت عليهم ، أو بمعنى : كفلت ، كأنها تكفلت بأبدانهم. والدهر : الزمان ، وقيل : الأبد ، والدهارير : الشدائد. والشاهد فيه واضح كما ذكره المؤلف.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٠٥ ، شرح الأشموني : ١ / ١١٦ ، شرح ابن الناظم : ٦١ ، الشواهد الكبرى : ١ / ٢٧٤ ، الخزانة : ٥ / ٢٨٨ ، الإنصاف : ٢ / ٦٩٨ ، الخصائص : ١ / ٣٠٧ ، ٢ / ١٩٥ ، الأمالي الشجرية : ١ / ٤٠ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٥٧ ، شواهد الجرجاوي : ١٢ ، شرح المكودي : ١ / ٥٠ ، شرح المرادي : ١ / ١٣٧ ، كاشف الخصاصة : ٣٧ ، البهجة المرضية : ٢٥ ، الضرائر : ٢٦١ ، اللمع لابن جني : ١٨٩ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٣٣ ، شرح التسهيل لابن مالك : ١ / ١٧٣ ، المطالع السعيدة : ١٣٢ ، تذكرة النحاة : ٤٣ ، توجيه اللمع : ٢٥٥ ، شواهد التوضيح لابن مالك : ٢٦.
(١) انظر الكتاب : ١ / ٣٨٤ ، شرح المرادي : ١ / ١٤٤ ، وقال ابن مالك في شرح التسهيل (١ / ١٦٩) : «وظاهر كلام سيبويه : أن الاتصال لازم ، ويدل على عدم لزومه قول النبي صلىاللهعليهوسلم «فإن الله ملككم إياهم ، ولو شاء ملكهم إياكم». وقال ابن عقيل في شرحه (١ / ٥٨) : «وظاهر كلام سيبويه : أن الاتصال فيها واجب وأن الانفصال مخصوص بالشعر».
(٢) قال ابن مالك في شرح التسهيل (١ / ١٦٩) : «واتصاله أجود».