يعني : أنّ اللّقب إذا اجتمع مع الاسم ، وكانا مفردين أي : غير مضافين ، ولا أحدهما ، كـ «سعيد كرز» ـ بضم الكاف ، وسكون الراء المهملة ، وفي آخره زاي ، وهو في الأصل : خرج الرّاعي (١) ـ ، فأضف الاسم إلى اللّقب وجوبا (٢) ـ ولا مدخل هنا للكنية (٣) فإنّها من قبيل المضاف ، ويلزم حينئذ أن يكون اللّقب هو المضاف إليه ، لأنّه قد ذكر قبل هذا : أنّه يجب تأخيره ـ وهذا مذهب جمهور البصريين (٤).
ويردّه النّظر من جهتي الصّناعة والسّماع :
أما الصناعة : فلأنّا لو أضفنا الأوّل إلى الثّاني لزم إضافة الشّيء إلى نفسه ، وهو باطل.
وأما السّماع : فقولهم : «هذا يحيى عينان» بغير إضافة ، وإلا لقالوا : «عينين».
وقد ردّ هذين الوجهين الشّيخ خالد في شرح التّوضيح (٥).
__________________
(١) ويطلق على اللئيم والحاذق أيضا. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٢ ، حاشية الصبان : ١ / ١٣٠ ، اللسان : ٥ / ٣٨٥٣ (كرز).
(٢) وذلك إن لم يمنع من الإضافة مانع ، كما إذا كان الاسم مقرونا بـ «أل» كالحارث قفة ، أو اللقب وصفا في الأصل مقرونا بأل كـ «هارون الرشيد» ، ومحمد المهدي ، فلا يضاف الأول إلى الثاني ، نص على ذلك ابن خروف. انظر التصريح على التوضيح : ١٢٢ ـ ١٢٣ ، إرشاد الطالب النبيل (٥٩ / أ).
(٣) في الأصل : للنية. انظر شرح المكودي : ١ / ٥٦.
(٤) وذلك على تأويل الأول بالمسمى ، والثاني بالاسم ، والمعنى هنا : مسمى هذا اللقب ، وذلك تخلصا من إضافة الشيء إلى نفسه. وذهب الكوفيون ـ منهم الفراء ـ والزجاج من البصريين إلى جواز إتباع الثاني للأول على أنه بدل منه أو عطف بيان ، نحو «هذا سعيد كرز ، ورأيت سعيدا كرزا ، ومررت بسعيد كرز» والقطع على النصب بإضمار فعل ، وإلى الرفع بإضمار مبتدأ ، نحو «مررت بسعيد كرزا وكرز» ، أي : أعني كرزا ، وهو كرز ، وعليه جرى ابن مالك في التسهيل وشرحه ، واختاره الرضي.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٢٢ ـ ١٢٣ ، التسهيل : ٣٠ ـ ٣١ ، شرح الكافية لابن مالك : ١ / ٢٥٠ ، شرح الرضي : ٢ / ١٣٩ ، شرح التسهيل : ١ / ١٩٣ ، شرح المرادي : ١ / ١٧١ ، الأشموني مع الصبان : ١ / ١٣٠ ، الهمع : ١ / ٢٤٦ ، شرح ابن الناظم : ٧٣ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٦٤.
(٥) فقال في (١ / ١٢٣) : وأجيب عن الأول بأنه من إضافة المسمى إلى الاسم ، فمعنى «جاءني سعيد كرز» بإضافة : جاءني مسمى هذا الاسم ، وإنما أول الأول بمسمى والثاني بالاسم ، لأن الأول هو المعرض للإسناد إليه ، والمسند إليه إنما هو المسمى ، فلزم أن يقصد بالثاني مجرد اللفظ. وأجيب عن الثاني بأنه يحتمل أن يكون جاء على لغة من يلزم المثنى الألف مطلقا».