وقوله : «كالّذين نزرا وقعا» يعني : أنّ اللائي الذي هو جمع «الّتي» قد يطلق على «الّذين» فيكون جمعا لـ «الّذي» على وجه النّدور والقلّة / ، ومنه قوله :
(١) ـ فما آباؤنا بأمنّ منه (٢) |
|
علينا اللاء قد مهدوا الحجورا |
يعني : الّذين قد مهدوا.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
ومن وما وأل تساوي ما ذكر |
|
وهكذا ذو عند طيّئ شهر |
لمّا فرغ من «الّذي ، والّتي» وتثنيتهما وجمعهما ، انتقل إلى ما سواهما من الموصولات ، فقال :
ومن وما وأل تساوي ما ذكر
يعني : أنّ «من» ـ بفتح الميم ـ ، و «ما ، وأل» تساوي ما ذكر من «الّذي والّتي» وتثنيتهما وجمعهما ، ففهم منه أنّها تقع على المفرد المذكّر والمؤنّث ، والمثنّى المذكّر والمؤنّث ، وجمع المذكّر والمؤنّث ، فتقول : «جاءني من قام ، ومن قامت ، ومن قامتا ، ومن قاموا ، ومن قمن» ، وكذلك مع «ما ، وأل».
فـ «من» تقع على من يعقل ، نحو (وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ) [الأنبياء : ١٩] ، وقد تكون لغيره ، كقول العبّاس بن الأحنف (٣) :
__________________
(٢٠) ـ من الوافر لرجل من سليم ، ولم أعثر على اسمه. أمن : اسم تفضيل من : «من عليه منا : إذا أنعم» ، والضمير في «منه» يرجع إلى الممدوح. مهدوا : من تمهيد الأمور. الحجور : جمع حجر ، وهو ما بين يديك من ثوبك. يعني : ليس آباؤنا الذين أصلحوا شؤوننا وجعلوا حجورهم لنا فراشا بأكثر منّة وإنعاما علينا من الممدوح ، بل الممدوح أكثر منّة علينا منهم.
والشاهد في قوله : «اللاء» حيث أطلقه على جماعة الذكور موضع «الذين» ، وهو قليل ، والكثير إطلاقه على جماعة الإناث نحو قوله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ).
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ١٣٣ ، الشواهد الكبرى : ١ / ٤٢٩ ، شرح الأشموني : ١ / ١٥١ ، الهمع : ١ / ٨٣ ، الدرر اللوامع : ١ / ٥٧ ، شرح ابن الناظم : ٨٤ ، أمالي ابن الشجري : ٢ / ٣٠٨ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٧٣ ، شواهد الجرجاوي : ٢١ ، شرح المكودي : ١ / ٦٤ ، شرح المرادي : ١ / ٢١٧ ، البهجة المرضية : ٣٢ ، الأزهية : ٣٠١ ، أوضح المسالك : ٢٩ ، فتح رب البرية : ١ / ١٢٧.
(١) في الأصل : منا. انظر شرح المكودي : ١ / ٦٤.
(٢) هو العباس بن الأحنف بن الأسود اليمامي ، أبو الفضل ، شاعر غزل رقيق ، خالف الشعراء في