ثمّ قال رحمهالله تعالى :
... وفي |
|
ذا الحذف أيّا غير أيّ يقتفي |
إن يستطل وصل وإن لم يستطل |
|
فالحذف نزر ... |
يعني : أنّ غير «أيّ» من الموصولات يتبع «أيّا» في جواز حذف صدر صلتها ، فالإشارة بـ «ذا» راجعة إلى صدر صلة «أيّ» ، لكن يشترط في جواز (حذف) (١) صدر صلة غير «أيّ» : أن تطول الصّلة ، وإلى ذلك أشار بقوله : «إن يستطل وصل» أي : إن تطل الصّلة (٢) ، نحو ما حكاه سيبويه من قولهم : «ما أنا
__________________
أيهم أشد. واختاره السهيلي. وجعلها يونس استفهامية أيضا وحكم بتعليق الفعل قبلها ، لأن التعليق عنده غير مخصوص بأفعال القلوب. قال المرادي : «والحجة عليهما قول الشاعر :
إذا ما لقيت بني مالك |
|
فسلّم على أيّهم أفضل |
لأن حروف الجر لا تعلق ولا يضمر قول بينها وبين معمولها». انتهى. وقال الأخفش والكسائي : «من» زائدة ، و «كل» مفعول ، و «أيهم أشد» جملة مستأنفة. قال ابن هشام : ولم تثبت زيادة «من» في الإيجاب. وذهب الكوفيون إلى أن «أيهم» علق فيه «شيعة» بما فيه من معنى الفعل ، كأنه قيل : لننزعن من كل متشيع في أيهم أشد ، أي : من كل من نظر في «أيهم» وكأنهم رأوا أن «لننزعن» لا تعلق ، فعدلوا إلى هذا. وجوز الزمخشري وجماعة كونها في الآية موصولة مع أن الضمة إعراب ، فقدروا متعلق النزع من «كل شيعة» ، وكأنه قيل : لننزعن بعض كل شيعة ، ثم قدر أنه سئل : من هذا البعض؟ فقيل : هو الذي هو أشد ، ثم حذف المبتدآن المكتنفان للموصول. قال ابن هشام : وفيه تعسف ظاهر ، أي : لأن فيه حذف مفعول «ننزع» لأن «من كل شيعة» ليس مفعوله حقيقة ، وتقدير سؤال محذوف ، وحذف مبتدأين ، فاجتمعت عدة أمور ، وهي وإن كانت جائزة ، لكن لما اجتمعت صارت تعسفا. وزعم ابن الطراوة أن «أيّا» مقطوعة عن الإضافة ، فلذلك بنيت ، وأن «هم أشد» مبتدأ وخبر. قال ابن هشام : وهذا باطل برسم الضمير متصلا بـ «أي» ، وبالإجماع على أنها إذا لم تضف كانت معربة.
انظر في ذلك القراءات الشاذة لابن خالويه : ٨٦ ، إعراب ابن النحاس : ٣ / ٢٣ ، إملاء ما من به الرحمن : ٢ / ١١٥ ، البيان لابن الأنباري : ٢ / ١٣٣ ، التصريح على التوضيح : ١ / ١٣٦ ، شرح الرضي : ٢ / ٥٧ ـ ٥٨ ، شرح المرادي : ١ / ٢٤٣ ، البهجة المرضية : ٣٥ ، شرح الأشموني : ١ / ١٦٧ ، التبصرة والتذكرة : ١ / ٥٢٢ ، مغني اللبيب : ١٠٧ ـ ١٠٩ ، حاشية الدسوقي : ١ / ٨٣ ، الهمع : ١ / ٣١٣ ، نتائج الفكر : ١٩٨ ـ ١٩٩ ، الكشاف : ٢ / ٤١٩.
(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٦٨.
(٢) وطولها : أن يكون فيها زائد على المفرد المخبر به عن الصدر.
انظر شرح المكودي : ١ / ٦٨.