ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وألزموا اخلولق أن مثل حرى |
|
وبعد أوشك انتفا أن نزرا |
يعني : أنّ «اخلولق» ـ بخاء معجمة وقاف ـ لا يستعمل خبرها (١) / إلّا مقرونا بـ «أن» فهي إذن مثل «حرى» ، إلّا أنّه لم ينبّه على (أنّها) (٢) شبيهة (٣) (في) (٤) المعنى بـ «عسى» ، كما نبّه على «حرى» ، وقد تقدّم أنّها من باب «عسى» ، فتقول : «اخلولقت السّماء أن تمطر» ، (ولا يجوز : تمطر) (٥) بدون «أن» (٦).
والواو في : «وألزموا» راجعة إلى العرب. وقوله :
وبعد أوشك انتفا أن نزرا
يعني : أن خلوّ خبر «أوشك» من «أن» قليل ، فهي في ذلك كـ «عسى» في الاستعمال ، لا في المعنى ، فإنّ «عسى» للرّجاء ، و «أوشك» للمقاربة ـ كما تقدّم ـ كقول أميّة (٧) :
(٨) ـ يوشك من فرّ من منيّته |
|
في (٩) بعض غرّاته يوافقها |
__________________
(١) في الأصل : خبرها. مكرر.
(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٩٩.
(٣) في الأصل : تشبهه. انظر شرح المكودي : ١ / ٩٩.
(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ٩٩.
(٥) ما بين القوسين ساقط من الأصل. راجع شرح المكودي : ١ / ٩٩.
(٦) وذهب ابن هشام الخضراوي إلى أنّه لا يجوز «اخلولق أن تمطر السماء» ، بل يختص ذلك بـ «أوشك وعسى». انظر الهمع : ٢ / ١٤٥ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ١٢٣.
(٧) هو أمية بن عبد الله أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف الثقفي ، شاعر جاهلي حكيم من أهل الطائف ، وهو ممن حرموا على أنفسهم الخمر ونبذوا عبادة الأوثان في الجاهلية ، خرج إلى الشام ثم عاد منها يريد الإسلام ، لكنّه لما سمع بمقتل ابني خال له في غزوة بدر امتنع ، وأقام في الطائف إلى أن مات سنة ٥ ه ، أخباره كثيره وشعره من الطبقة الأولى.
انظر ترجمته في سمط اللآلئ : ٣٦٢ ، جمهرة الأنساب : ٢٥٧ ، الأغاني : ٤ / ١٢٠ ، الخزانة : ١ / ٢٤٧ ، الأعلام : ٢ / ٢٣.
(٤٨) ـ من المنسرح لأمية بن أبي الصلت من قصيدة له في ديوانه (٤٢) ، يذكر فيها الموت والبعث ، وقبله :
ما رغبة النّفس في الحياة وإن |
|
تحيا قليلا فالموت لاحقها |
وقيل : هو لرجل خارجي قتله الحجاج ، قال العيني : «والأول أصح». يوشك : يقرب. غراته : غفلاته. يوافقها : يصادفها. والشاهد في قوله : «يوافقها» حيث جاء خبرا لـ «يوشك» مجردا من «أن» وهو قليل ، والكثير اقترانه بها.