الباب الحادي عشر
«إنّ» وأخواتها
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
«إنّ» وأخواتها
لإنّ أنّ ليت لكنّ لعل |
|
كأنّ عكس ما لكان من عمل |
هذا هو الباب الثّاني من النّواسخ ، وهو باب «إنّ» وأخواتها ، وقد تقدّم أنّ «كان» ترفع الاسم وتنصب الخبر ، و «إنّ» وأخواتها تنصب الاسم وترفع الخبر على الأصحّ عند البصريين (١) ، وإلى ذلك (أشار) (٢) بقوله : «عكس ما لكان من عمل».
__________________
(١) وذلك لقوة شبهها بالفعل ، حيث إنها أشبهته لفظا ومعنى ، ووجه المشابهة بينهما من خمسة أوجه :
الأول : أنها على وزن الفعل.
الثاني : أنها مبنية على الفتح ، كما أنّ الفعل الماضي مبني على الفتح.
الثّالث : أنها تقتضي الاسم ، كما أنّ الفعل كذلك.
الرابع : أنها تدخلها نون الوقاية.
الخامس : أنّ فيها معنى الفعل ، فمعنى «إن وأن» : حقّقت ، ومعنى «كأنّ» : شبهت ، و «لكنّ» : استدركت ، و «ليت» : تمنيت ، و «لعل» : ترجيت ، فلمّا أشبهت الفعل من هذه الأوجه وجب أن تعمل عمل الفعل.
أما الكوفيون فذهبوا إلى أنّها لا ترفع الخبر ، وذلك لأنّها إنّما عملت لشبهها بالفعل ، فهي فرع عليه ، فهي أضعف منه ، فلا تعمل في الخبر جريا على القياس في حط الفروع عن الأصول. وتبعهم السهيلي. وذهب بعض العرب إلى نصب الجزأين بهذه الأحرف ، وحكى قوم منهم أبو عبيد القاسم بن سلام ، وابن الطراوة وابن السيد ، ومن ذلك قوله :
إذا التفّ جنح الليل فلتأت ولتكن |
|
خطاك خفافا إنّ حراسنا أسدا |
وعليه بعض الكوفيين ، وقيل : هو خاص بـ «ليت» وعليه الفراء ، ومنه قوله :
يا ليت أيام الصّبا رواجعا
انظر الإنصاف (مسألة : ٢٢) : ١ / ١٧٦ ، الهمع : ٢ / ١٥٥ ـ ١٥٧ ، شرح المرادي : ١ / ٣٣٤ ، الجنى الداني : ٣٩٣ ، شرح ابن عقيل : ١ / ١٣٠ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ١٢٨ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٢١٠ ، شرح الأشموني : ١ / ٢٦٩ ، شرح الرضي : ١ / ٣٤٦ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٤٢٤ ، مغني اللبيب : ٥٥ ، نتائج الفكر : ٣٤٢ ـ ٣٤٣.
(٢) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٠٢.