وهل هذا الوجوب على كلّ فرد فرد أو الكفاية؟. فالأكثرون قالوا بالأول ، ومن القائلين بالثاني أبو الليث السّمرقنديّ (١) في مقدّمته المعروفة (٢).
والرّسول : فعول بمعنى مفعل ، أي : اسم مفعول ، ومجيء (٣) مثله قليل (٤) ، وبمعنى الفاعل كثير ، كـ «طهور» (٥) /.
قال في الزاهر : «هو من تتابع أخبار الذي بعثه ، أخذا من قولهم : «جاءت الإبل رسلا» أي : متتابعة» (٦).
وهل هو بمعنى النبيّ ، أو بينهما عموم وخصوص مطلق ، أو من وجه؟ أقوال (٧) أوضحتها في المقدمة الموضوعة (٨) لأوائل التصانيف.
__________________
انظر القول البديع : ٢٠ ، تفسير الخازن : ٥ / ٢٧٤ ، بدائع الصنائع : ١ / ٢١٣ ، نيل الأوطار : ٢ / ٣٢٢.
(١) هو نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي ، أبو الليث ، إمام الهدى ، علامة ، من أئمة الحنفية ، ومن الزهاد المتصوفين ، لم تعلم سنة ولادته ، وتوفي ١١ جمادى الآخرة من سنة ٣٩٣ ه (وقيل : ٣٧٣ ه) من مؤلفاته الكثيرة : خزانة الفقه على مذهب أبي حنيفة وبستان العارفين في الآداب الشرعية والنوازل في فروع الفقه الحنفي ، وتفسير القرآن وغيرها. انظر ترجمته في تذكرة الحفاظ للذهبي : ٣ / ١٦٩ ، الجواهر المضية للقرشي : ٢ / ١٩٦ ، الفوائد البهية : ٢٢٠ ، معجم المؤلفين ، ١٣ / ٩١ ، الأعلام : ٨ / ٢٧ ، إيضاح المكنون : ١ / ٤٧٤.
(٢) انظر ذلك في القول البديع للسخاوي : ٢٢.
(٣) في الأصل : ويجيء.
(٤) انظر إعراب الألفية : ٤ ، شرح ابن باديس : (٧ / ب) ، شرح ابن الناظم : ٧٥٤ ، شرح دحلان : ١٦٦ ، شرح المرادي : ٥ / ٥ ، شرح الأشموني : ٤ / ٩٦ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١٤٦.
(٥) بمعنى : طاهر. انظر شرح ابن الناظم : ٧٥٤ ، شرح ابن عقيل : ٢ / ١٤٦ ، شرح دحلان : ١٦٦ ، شرح المرادي : ٥ / ٥ ، شرح الأشموني : ٤ / ٩٦.
(٦) قال الزجاجي في كتابه الزاهر في معاني الكلام الذي يستعمله الناس (ورقة : ١١ / أ ـ بـ ـ مخطوط) : «والرسول في اللغة الذي يتابع أخبار من بعثه ، مأخوذ من قول العرب : جاءت الإبل رسلا إذا جاءت متتابعة». وانظر اللسان : ٣ / ١٦٤٥ (رسل) ، تاج العروس للزبيدي : ٧ / ٣٤٤ (رسل).
(٧) فقال بعضهم : الرسول بمعنى الذي أرسل إلى الخلق بإرسال جبريل إليه عيانا ، ومحاورته شفاها ، والنبي الذي تكون نبوته إلهاما ومناما ، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا. نقله الواحدي عن الفراء. قال النووي : في كلام الواحدي نقص ، فإن ظاهره أن النبوة المجردة لا تكون برسالة ملك ، وليس كذلك. وحكى القاضي عياض قولا ، وهو أنهما مفترقان من وجه ، إذ قد اجتمعا في النبوة التي هي : الاطلاع على الغيب والإعلام بخواص النبوة والرفعة بمعرفة ذلك ، وحوز درجتها ، وافترقا في زيادة الرسالة التي للرسول ، وهو الأمر بالإنذار والإعلام. وذهب بعضهم إلى أن الرسول من جاء بشرع مبتدأ ، ومن لم يأت به نبي غير رسول وإن أمر بالإبلاغ والإنذار. وقيل : الرسول من كان صاحب معجزة وصاحب كتاب ، ونسخ شرع من