الباب الثاني عشر
«لا» التي لنفي الجنس
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
«لا» الّتي لنفي الجنس
عمل إنّ اجعل للا في نكرة |
|
مفردة جاءتك أو مكرّره |
يعني : «لا» الّتي لنفي الجنس تعمل عمل «إنّ» تنصب الاسم ، وترفع الخبر ، نحو «لا غلام سفر حاضر» (١) ، وإنّما عملت عمل «إنّ» في الإيجاب ، إذ «إنّ» توكيد للإيجاب ، و «لا» توكيد للنّفي ، ولمّا كان عملها بالحمل على «إنّ» ضعفت فلم تعمل إلّا في نكرة ، ولذلك قال : «في نكره».
وقوله : «مفردة جاءتك» مثاله ما تقدّم ، «أو مكرّره» نحو «لا حول ولا قوّة إلّا بالله» ، إلّا أنّ عمل المفردة واجب ، وعمل المكرّرة (٢) جائز ، وسيأتي.
ولا تعمل إلّا بشرط أن تكون نافية لا زائدة ، وأن يكون المنفيّ فيها الجنس بأسره ، وأن يكون نفيه نصّا ، وأن لا يدخل عليها جارّ ، وأن يكون اسمها نكرة متصلة بها ، وأن يكون خبرها أيضا نكرة.
فإن كانت غير نافية لم تعمل في الأسماء شيئا ، وشذّ إعمال «لا» (٣) الزائدة في قول الفرزدق :
__________________
(١) هذا مذهب الأخفش والأكثرين. وذهب سيبويه إلى أنّه خبر ابتداء ، لأنّ «لا» مع ما بعدها بمنزلة المبتدأ ، ولم تعمل فيه «لا» شيئا. قال ابن عصفور : وهو الصحيح.
انظر الكتاب : ١ / ٣٤٥ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٢٧٣ ، شرح المرادي : ١ / ٣٦٣ ، مغني اللبيب : ٣١٤ ، شرح الأشموني : ٢ / ٦ ، شرح الرضي : ١ / ١١١ ، شرح ابن يعيش : ١ / ١٠٦ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ١٦٥.
(٢) في الأصل : والمكررة. انظر شرح المكودي : ١ / ١١١.
(٣) في الأصل : إلّا. انظر التصريح : ١ / ٢٣٧.