والثّانية (١) : أن يكون في الجملة اسم استفهام ، عمدة كان نحو (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى) [الكهف : ١٢] ، أو فضلة ، نحو (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧].
ومثال التّعليق في المضارع : «أظنّ ما زيد قائم» ، وقس على ذلك بقيّة التّصاريف.
ثمّ قال رحمهالله :
لعلم عرفان وظنّ تهمه |
|
تعدية لواحد ملتزمه |
يعني : أنّ «علم» إذا كانت بمعنى «عرف» ، وهو أن يكون معناها متعلّقا بالمفرد ـ تتعدّى إلى مفعول واحد ، كقوله تعالى : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) [النحل : ٧٨].
وأنّ «ظنّ» إذا كانت بمعنى «أتّهم» تتعدّى إلى مفعول واحد ، نحو (وما هو على الغيب بظنين) [التكوير : ٢٤] ـ بالظّاء المشالة (٢) ـ وليستا حينئذ من أفعال هذا الباب.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
ولرأى الرّؤيا انم ما لعلما |
|
طالب مفعولين من قبل انتمى |
يعني : أنّ «رأى» الحلميّة ينسب لها من العمل ما انتسب لـ «رأى» العلميّة / من التّعدّي لمفعولين ، لأنّها شبيهة بها في كونها فيها إدراك بالحسّ (٣) ، كقوله تعالى : (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) [يوسف : ٣٦] ، وكقول عمرو الباهليّ (٤) :
__________________
(١) في الأصل : والثاني. انظر التصريح : ١ / ٢٥٦.
(٢) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو الكسائي ورويس ، وقرأ الباقون «بضنين» بالضاد أي : ببخيل.
انظر النشر في القراءات العشر : ٢ / ٣٩٨ ـ ٣٩٩ ، حجة القراءات : ٧٥٢ ، المبسوط في القراءات العشر : ٤٦٤ ، إتحاف فضلاء البشر : ٤٣٤.
(٣) وذهب بعضهم إلى أنّ «رأى» الحلمية لا تنصب مفعولين ، وأنّ ثاني المنصوبين حال.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٢٥٠ ، إرشاد الطالب النبيل (١٥١ / ب) ، الأشموني مع الصبان : ٢ / ٣٤.
(٤) هو عمرو بن أحمر بن العمرد بن عامر الباهلي ، أبو الخطاب ، شاعر مخضرم ، كان يكثر الغريب في شعره ، عاش نحو ٩٠ عاما ، أسلم وغزا مغازي في الروم ، ونزل بالشام مع خيل خالد بن الوليد ، ثم سكن الجزيرة وأدرك أيام عبد الملك بن مروان ، له مدائح في عمر وعثمان وعلي وخالد ، ولم يلق أبا بكر ، وهجا يزيد بن معاوية ، فطلبه يزيد ففرّ منه ، وتوفي في حدود سنة ٦٥ ه ، له ديوان شعر.