فأسقط «التّاء» من «أبقل» ، والفعل مسند إلى ضمير «الأرض» للضّرورة ، وكان القياس «أبقلت».
وقال ابن كيسان (١) : يجوز ترك «التّاء» في الكلام النّثر ، يقال : «الشّمس طلع» ، كما يقال : «طلع الشّمس» (٢) ، لأنّ التأنيث مجازيّ ، ولا فرق بين الظّاهر والمضمر.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
والتّاء مع جمع سوى السّالم من |
|
مذكّر كالتّاء مع إحدى اللبن |
يعني : أنّ الفعل الماضي إذا أسند لجمع غير المذكّر السّالم ـ حكمه كحكمه مع المجازيّ التأنيث ، كـ «إحدى اللبن» ، وهي اللّبنة (٣) ، فتقول : «قامت الرّجال ، وقام الرّجال» ، كما تقول : «سقطت اللّبنة ، وسقط اللّبنة» (٤).
وشمل غير السّالم من مذكّر جمع التّكسير ، كما ذكر ، وجمع المؤنّث السّالم ، فتقول على هذا : «قام الهندات ، وقامت الهندات» ، وفي هذا خلاف :
والّذي ذهب إليه النّاظم : جواز الوجهين (٥) ، وهو مذهب الكوفيين والفارسيّ (٦).
__________________
(١) في الأصل : ابن كيسا. انظر التصريح : ١ / ٢٧٨.
(٢) واستدل على ذلك بالبيت المتقدم ، حيث إنّ الشاعر كان يمكنه أن يقول : «أبقلت إبقالها» بالنقل ـ كما تقدم في شاهد البيت ـ فلما عدل عن ذلك مع تمكنه منه دل على أنّه مختار لا مضطر.
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٢٧٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٥٩٧ ، شرح المرادي : ٢ / ١٣ ، الهمع : ٦ / ٦٥ ، الشواهد الكبرى : ٢ / ٤٦٥.
(٣) وهي التي يبنى بها ، وهو المضروب من الطين مربعا وجمع «لبن». انظر اللسان : ٥ / ٣٩٩١ (لبن).
(٤) في الأصل : اللبن. انظر شرح المكودي : ١ / ١٢٦.
(٥) قال ابن مالك في شرح الكافية (٢ / ٥٩٨) : «كل جمع سوى المذكّر السالم يجوز تذكيره باعتبار الجمع ، وتأنيثه باعتبار الجماعة ، نحو «قام الرجال وقامت الرجال». وانظر التسهيل : ٧٥.
(٦) واحتجوا بنحو (إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ) فذكر الفعل مع جمع تصحيح المؤنث ، وبنحو قوله :
فبكى بناتي شجوهنّ وزوجتي |
|
والطّامعون إليّ ثمّ تصدّعوا |
فذكر الفعل مع إسناده إلى جمع تصحيح المؤنث. وأجيب بأنّ «البنات» لم يسلم فيها نظم الواحد. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٢٨٠ ، شرح المرادي : ٢ / ١٤ ، شرح الرضي : ٢ / ١٧٠ ، شرح الأشموني : ٢ / ٥٤ ، حاشية ابن حمدون : ١ / ١٢٦ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٣٩٣ ، شرح ابن يعيش : ٥ / ١٠٤ ، الهمع : ٦ / ٦٥.