فـ «أتاك» الثّاني غير طالب لـ «اللاحقين» لأنّه أتى به توكيدا لـ «أتاك» الأوّل.
وفهم من قوله : «في اسم» أنّ المتنازع (١) فيه لا يكون أكثر من اسم واحد.
وفهم من قوله : «قبل» أنّ المتنازع فيه لا يتقدّم على العاملين ولا على أحدهما ، وفي ذلك خلاف (٢).
وفهم من قوله : «فللواحد منهما العمل» جواز إعمال كلّ منهما ، ولا خلاف في ذلك ، وإنّما الخلاف في الاختيار ـ وسيأتي ـ.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
والثّان (٣) أولى عند أهل البصره |
|
واختار عكسا غيرهم ذا أسره |
اختار البصريّون إعمال الثّاني ، لقربه من المعمول (٤) ، واختار (٥) الكوفيّون إعمال الأوّل ، لسبقه (٦) ، والصّحيح (٧) مذهب البصريّين ، لأنّ إعمال الثّاني
__________________
(١) في الأصل : التنازع. انظر شرح المكودي : ١ / ١٤٤.
(٢) فذهب الأكثرون إلى أنه لا يكون مطلوب المتنازعين إلا متأخرا. وذهب بعض المغاربة إلى إجازة التنازع في المتقدم ، مستدلين بقوله تعالى : (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) ، وإليه ذهب الرضي في شرح الكافية. قال الأزهري : ولا حجة له لأن الثاني لم يجئ حتى استوفاه الأول ، ومعمول الثاني محذوف لدلالة معمول الأول عليه. وذهب الفارسي إلى إجازة التنازع مع توسط المعمول نحو «ضربت زيدا وأكرمت».
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٣١٧ ـ ٣١٨ ، شرح المرادي : ٢ / ٦٤ ـ ٦٥ ، شرح الرضي : ١ / ٧٨ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٦٤٣.
(٣) في الأصل : والثاني. انظر الألفية : ٦٦.
(٤) انظر الإنصاف : ١ / ٨٣ ـ ٩٢ ، شرح المكودي : ١ / ١٤٤ ، شرح المرادي : ٢ / ٦٥ ، الهمع : ٥ / ١٣٧ ، شرح الرضي : ١ / ٧٩ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٦٤٤ ، شرح ابن يعيش : ١ / ٧٧ ، شرح الأشموني : ٢ / ١٠١ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٦٢٨ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٦١٣.
(٥) في الأصل : الواو. ساقط. انظر شرح المكودي : ١ / ١٤٤.
(٦) وقال بعض النحويين : يتساويان ، لأن لكل منهما مرجحا ، حكاه ابن العلج في البسيط.
وقال الفراء : كلاهما يعملان فيه إن اتفقا في الإعراب المطلوب ، نحو «قام وقعد زيد» فجعله مرفوعا بالفعلين. وفصل أبو ذر الخشني فقال : إن كان إعمال الثاني يؤدي إلى الإضمار في الأول فيختار إعمال الأول ، وإلا فيختار إعمال الثاني. وإذا تنازع ثلاثة فالحكم كذلك بالنسبة إلى الأول والثالث ، قاله المرادي. وقال الشيخ خالد : «وسكتوا عن المتوسط ، فهل يلتحق بالأول لسبقه على الثالث ، أو بالثاني لقربه من المعمول بالنسبة إلى الأول ، أو يستوي فيه. لم أر في ذلك نقلا». وقال الأشموني : «سكتوا عن الأوسط عند تنازع ثلاثة ، وحكى بعضهم الإجماع على جواز إعمال كل منها».
انظر في ذلك الإنصاف (مسألة : ١٣) : ١ / ٨٣ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٦١٣ ، شرح المرادي : ٢ / ٦٥ ، الهمع : ٥ / ١٣٧ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣٢٠ ، شرح الأشموني : ٢ / ١٠٢ ، شرح الرضي : ١ / ٧٩ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٦٤٤ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٦٢٩ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ١٦٣.
(٧) في الأصل : الواو. ساقط. انظر شرح المكودي : ١ / ١٤٤.