الأصل في المفعول المطلق أن يكون من لفظ العامل فيه ومعناه ، نحو : «ضربت ضربا» ، وقد ينوب عنه ما دلّ عليه من مغاير اللّفظ العامل فيه ، نحو «جدّ كلّ الجدّ» ، فـ «كلّ» منصوب على أنّه مفعول مطلق ، وليس من لفظ «جدّ» ، لكنّه دال عليه ، لإضافته إلى المصدر الّذي من لفظ الفعل ، وكذلك : «افرح الجذل» ، فـ «الجذل» منصوب على أنّه مفعول مطلق ، وليس من لفظ «افرح» ، لكنّه في معناه ، فإنّ «الجذل» ـ بالذّال المعجمة ـ مصدر «جذل» ـ بالكسر ـ مرادف للفرح (١).
وظاهر كلام النّاظم ، وتبعه ابن هشام في التّوضيح : أنّ المرادف (٢) منصوب بالفعل المذكور (٣) ، وهو مذهب المازنيّ (٤).
والمنقول عن الجمهور (٥) : أنّ ناصبه فعل من لفظه مقدّر ، والتّقدير : «وافرح واجذل جذلا» (٦).
و «قد» هنا للتّحقيق ، لكثرة ورود النّيابة في ذلك.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
__________________
(١) انظر اللسان : ١ / ٥٧٧ (جذل) ، شرح المكودي : ١ / ١٤٨.
(٢) في الأصل : المراد. انظر التصريح : ١ / ٣٢٧.
(٣) انظر أوضح المسالك : ١٠٢ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣٢٧.
(٤) وهو مذهب السيرافي والمبرد وابن خروف أيضا ، وذلك لأنه بمعناه ، فتعدى إليه كما لو كان من لفظه ، قال الرضي في شرحه : وهو أولى ، لأن الأصل عدم التقدير بلا ضرورة ملجئة إليه. انتهى. انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٣٢٧ ، شرح الرضي : ١ / ١١٦ ، شرح المرادي : ٢ / ٧٨ ، إرشاد الطالب النبيل (١٧٨ / ب) ، الهمع : ٣ / ١٠٠ ، حاشية الخضري : ١ / ١٨٨ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٢٠٣.
(٥) وهو مذهب سيبويه. انظر شرح المرادي : ٢ / ٧٨ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣٢٧ ، الهمع : ٣ / ٩٩ ، شرح الرضي : ١ / ١١٦ ، إرشاد الطالب النبيل (١٧٨ / ب) ، حاشية الخضري : ١ / ١٨٨.
(٦) وفصل ابن جني فقال : فإن أريد به التأكيد عما فيه المضمر الذي من لفظه كـ «قعدت جلوسا ، وقمت وقوفا» بناء على أنه من قبيل التأكيد اللفظي ، فلابد من اشتراكه مع عامله في اللفظ ، أو بيان النوع عمل فيه الظاهر لأنه بمعناه. وقال ابن عصفور : الأمر في التأكيد ما ذكره ، وأما الذي لغير التأكيد فإن وضع له فعل من لفظه عمل فيه المضمر أيضا ، كقوله :
وآلت حلفة لم تحلّل
فـ «حلفة» منصوبة بـ «حلفت» مضمرة ، وإن لم يوضع له فعل انتصب بالظاهر ، ولا يمكن أن يكون بفعل من لفظه لأنه لم يوضع.
انظر : الهمع : ٣ / ١٠٠ ، حاشية يس : ١ / ٣٢٧.