المعنى حكم الأوّل ، فإن كان مخرجا ـ كان ما زاد عليه كذلك ، وإن كان مدخلا ـ كان ما زاد عليه كذلك ، وبيان ذلك :
أنّك إذا قلت : «قام القوم إلّا زيدا ، إلّا عمرا ، إلّا خالدا» هي كلّها مخرجة من «القوم» ، وإن قلت : «ما قام أحد إلّا زيدا (١) ، إلّا عمرا ، إلّا خالدا» فهي مدخلة ، والمراد بها : إخراج الأوّل من المستثنى منه ، ثمّ إخراج الثّاني ممّا بقي بعد إخراج الأوّل ، ثمّ إخراج الثّالث ممّا بقي بعد إخراج الأوّل والثّاني.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
واستثن مجرورا بغير معربا |
|
بما لمستثنى بإلّا نسبا |
يعني : أنّ «غيرا» (٢) يستثنى بها مجرور (٣) بإضافتها إليه ، وتكون هي معربة بما يستحقّه الاسم الواقع بعد «إلّا» من وجوب النّصب ، أو رجحانه ، أو رجحان التّبعيّة ، فتقول : «قام القوم غير زيد» ، بوجوب النّصب ، لأنّك تقول : «قام القوم إلّا زيدا» ، و «ما فيها أحد غير فرس» برجحان النّصب ، و «ما قام أحد غير زيد» / برجحان التّبعيّة.
وأصل «غير» أن تكون صفة واجبة الإضافة لمخالف موصوفها ، وقد تقطع عن الإضافة لفظا ، لا معنى ، فتبنى على الضّمّ ، وتستعمل بمعنى «إلّا» ، كما ذكر في هذا الباب (٤).
__________________
(١) في الأصل : زيد. انظر شرح المكودي : ١ / ١٦٤.
(٢) في الأصل : غير. انظر المكودي بحاشية الملوي : ٨٤.
(٣) في الأصل : مجرورا. انظر شرح المكودي : ١ / ١٦٤.
(٤) وذهب البصريون إلى أن «غير» إذا أضيفت إلى اسم غير متمكن يجوز بناؤها على الفتح ، بخلاف ما إذا أضيفت إلى اسم متمكن. وذهب الكوفيون إلى جواز بنائها على الفتح في كل موضع يحسن فيه «إلا» سواء أضيفت إلى متمكن أو غير متمكن ، وذلك نحو قولهم «ما نفعني غير قيام زيد ، وما نفعني غير أن قام زيد». واختلف في ناصب غير : فذهب الناظم إلى أن ناصبها العامل الذي قبلها على الحال ، وفيها معنى الاستثناء ، وقال : «وهو الظاهر من قول سيبويه». وإليه ذهب الفارسي في التذكرة. وعند المغاربة انتصابها كانتصاب الاسم بعد «إلا» عندهم واختاره ابن عصفور. وعند جماعة على التشبيه بظرف المكان واختاره ابن الباذش. ونسب صاحب الارتشاف للسيرافي وابن الباذش القول بأنها منصوبة بالفعل السابق. والمشهور أن انتصابها على حد انتصاب ما بعد «إلا».
انظر في ذلك الإنصاف (مسألة : ٣٨) : ١ / ٢٨٧ ، شرح المرادي : ٢ / ١١٣ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٧١٥ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٣٢٢ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣٦١ ، مغني اللبيب : ٢١١ ، شرح الأشموني : ٢ / ١٥٧ ، التسهيل : ١٠٦ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٢٥٩ ، الهمع : ٣ / ٢٧٨ ، حاشية الخضري : ١ / ٢٠٩.