الثّاني : أن يدلّ على مفاعلة ، وهو قوله : «يدا بيد» ، أي : مناجزا (١).
الثّالث : أن يدلّ على التّشبيه ، وهو قوله : «وكرّ زيد أسدا» ، وفسّر ذلك بقوله : «أي : كأسد».
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
والحال إن عرّف لفظا فاعتقد |
|
تنكيره معنى كوحدك اجتهد |
حقّ الحال أن يكون نكرة ، لأنّ المقصود به بيان الهيئة ، وذلك حاصل بلفظ التّنكير ، فلا حاجة لتعريفه صونا للّفظ عن الزّيادة ، والخروج عن الأصل لغير غرض ، وقد يجيء بصورة المعرّف بالألف واللّام ، فيحكم بزيادتها ، نحو «ادخلوا الأوّل فالأوّل» (٢) ، وبصورة المضاف إلى المعرفة فيحكم بتأويله بالنّكرة ، نحو «اجتهد وحدك» أي : منفردا.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
ومصدر منكّر حالا يقع |
|
بكثرة كبغتة زيد طلع |
حقّ الحال أن يكون وصفا ـ كما تقدّم ـ ، لأنّه صفة لصاحبه في المعنى ، وخبر عنه أيضا.
وقد يقع المصدر موضع الحال ، كما يقع صفة وخبرا ، وكلّ ذلك على خلاف الأصل.
ولا خلاف في ورود المصدر حالا ، كقوله عزوجل : (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ)(٣) خَوْفاً وَطَمَعاً [السجدة : ١٦] ، ومنه قوله : «كزيد طلع بغتة» ، و «بغتة» : «فعلة» من «البغت» ، وهو / أن يفجأك الشّيء (٤).
__________________
(١) انظر إعراب الألفية : ٥٩ ، شرح المكودي : ١ / ١٦٨.
(٢) فـ «الأول» المبتدأ به حال من الواو في «ادخلوا» و «الأول» الثاني معطوف بالفاء ، وهما بلفظ المعرف بـ «أل» فيؤولان بنكرة ، أي : مرتبين واحدا فواحدا. وذهب المبرد والسيرافي إلى أن «أل» في قوله «الأول فالأول» معرفة لا زائدة وجوز يونس والبغداديون تعريف الحال قياسا على الخبر ، وعلى ما سمع من ذلك. وذهب الأخفش إلى أنه ليس حالا بل انتصب على أنه مشبه بالمفعول ، والتشبيه يكون في الفعل ، كما يكون في الصفات. وقال الكوفيون : إذا كان في الحال معنى الشرط جاز أن يأتي على صورة المعرفة ، وهي مع ذلك نكرة ، فإن لم يكن فيها معنى الشرط لم يجز أن تأتي معرفة في اللفظ.
انظر شرح المكودي : ١ / ١٦٨ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٣٣٥ ، ٣٣٧ ، ٣٣٨ ، ٣٣٩ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣٧٣ ، شرح اللمحة لابن هشام : ٢ / ١٧٨ ، شرح ابن الناظم : ٣١٥ ، شرح المرادي : ٢ / ١٣٥ ، الهمع : ٤ / ١٩ ، شرح الرضي : ١ / ٢٠٣.
(٣) في الأصل : (ادعوا ربكم).
(٤) انظر شرح المكودي : ١ / ١٦٩ ، اللسان : ١ / ٣١٧ (بغت).