من بعد نفي أو مضاهيه كلا |
|
يبغ امرؤ على امرىء مستسهلا |
حقّ صاحب الحال أن يكون معرفة لأنّه مخبر عنه ، فالحال كالخبر في المعنى ، وقد يجيء نكرة ، ولذلك مسوّغات ، كما أنّ للابتداء بالنّكرة مسوّغات ـ وقد تقدّمت في باب المبتدأ (١) ـ ، ومن مسوّغات تنكير صاحب الحال :
أن يتأخّر عن الحال ، وهو المنبّه عليه بقوله : «إن لم يتأخّر» ، ومثاله : «في الدّار قائما رجل».
ومنها : أن يكون مخصّصا ، وهو المنبّه عليه بقوله : «أو يخصّص» (٢) ، وشمل صورتين :
(الأولى) (٣) : أن يخصّص بالوصف ، كقوله عزوجل : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنا)(٤) [الدخان : ٤ ، ٥].
والثّانية : أن يخصّص بالإضافة إلى نكرة ، كقوله تعالى : (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً) [فصلت : ١٠].
__________________
(١) انظر : ص ١٨٩ من هذا الكتاب.
(٢) في الأصل : ويخصص. انظر شرح المكودي : ١ / ١٦٩ ، الألفية : ٧٧.
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٦٩.
(٤) تبع ابن طولون في التمثيل بهذه الآية الناظم في شرح التسهيل ، وابنه في شرح الألفية ، والمكودي والمرادي ، فجعلوا «أمرا» المنصوب حالا من «أمر» المجرور بالإضافة ، لكونه مختصا بالوصف بـ «حكيم» ، مع أن من شرط صحة إتيان الحال من المضاف إليه أن يكون المضاف عاملا في الحال ، أو بعض المضاف إليه أو كبعضه ، وذلك مفقود هنا. وقد خالف الناظم في ذلك في شرح الكافية ، فجعله من التخصيص بالإضافة. قال الأزهري : وفي نصب «أمرا» أوجه :
أحدها : أنه على الاختصاص.
الثاني : على المفعول له.
الثالث : على المصدر من معنى «يفرق».
الرابع : على الحال من «كل» أو من ضمير الفاعل في «أنزلنا» أي : آمرين ، أو من ضمير المفعول ، وهو الهاء في «أنزلناه» ، أو من الضمير المستتر في «حكيم».
الخامس : أنه مفعول «منذرين». انتهى.
وقد مثل ابن مالك في شرح الكافية لذلك بقراءة بعضهم : ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدقا ، بنصب «مصدقا» ، وهي قراءة ابن مسعود.
انظر شرح ابن الناظم : ٣١٩ ، شرح المكودي مع ابن حمدون : ١ / ١٦٩ ، شرح المرادي : ٢ / ١٤٤ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣٧٦ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٧٣٧ ، القراءات الشاذة : ٨.