ومنها : أن يكون بعد نفي ، وهو المنبّه عليه بقوله : «أو يبن من بعد نفي» ، أي : يظهر بعد نفي ، ومثاله قوله تعالى / : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) [الحجر : ٤].
ومنها : أن يكون بعد مشابه النّفي ، وهو المنبّه عليه بقوله : أو مضاهيه» (١) أي : مشابهه ، وشمل صورتين.
الأولى : الاستفام ، ومثاله : «هل جاء أحد ضاحكا».
الثّانية : النّهي ، ومثاله : «لا يقم أحد ضاحكا».
فهذه ستّة مسّوغات ، وقد مثّل النّاظم الصّورة الأخيرة بقوله :
... كلا |
|
يبغ امرء على امرىء مستسهلا |
ف «مستسهلا» حال من «امرىء» الأوّل ، وسوّغ ذلك تقدّم النّهي.
وفهم من قوله : «غالبا» أنّ صاحب الحال يكون نكرة محضة من غير مسوّغ في الغالب. حكى سيبويه من كلام العرب : «مررت بماء قعدة رجل» ، و «عليه مائة بيضا» (٢) ، وفي الحديث : «فصلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قاعدا ، وصلّى (وراءه) (٣) رجال قياما» (٤).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
__________________
(١) في الأصل : ومضاهيه. انظر شرح المكودي : ١ / ١٦٩ ، الألفية : ٧٧.
(٢) انظر الكتاب : ١ / ٢٧٢ ، شرح المكودي : ١ / ١٧٠ ، شرح الأشموني : ٢ / ١٧٦ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣٧٨ ، شرح ابن الناظم : ٣٢١.
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٧٠.
(٤) روى البخاري في صحيحه (١ / ١٧٧) عن عائشة رضياللهعنها قالت : «صلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بيته وهو شاك ، فصلّى جالسا وصلّى وراءه قوم قياما».
وفي سنن ابن داود حديث رقم : (٦٠٥) قالت : «صلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بيته وهو جالس فصلّى وراءه قوم قياما». وفي صحيح مسلم حديث رقم (٤١٢) قالت : «اشتكى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فدخل عليه ناس من أصحابه يعودونه فصلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالسا فصلّوا بصلاته قياما».
وانظر الحديث برواية المؤلف في شرح المكودي : ١ / ١٧٠ ، شرح الأشموني : ٢ / ١٧٦ ، شرح ابن الناظم : ٣٢٢ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣٧٨ ، شرح دحلان : ٩٠ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٢١٦ ، الدرة المضية للأنباسي (رسالة ماجستير) : ١٢٩. وروي في البهجة المرضية (٩٠) : «صلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالسا وصلّى وراءه قوم قياما».