وسبق حال ما بحرف جرّ قد |
|
أبوا ولا أمنعه فقد ورد |
يعني : أنّ صاحب الحال إذا كان مجرورا بحرف الجرّ ـ لا يجوز عند أكثر النّحويين تقدّم الحال عليه ، نحو «مررت بهند قائمة» ، فلا يجوز عندهم «مررت قائمة بهند» ، وهذا الّذي منعوه لا أمنعه أنا لوروده في كلام العرب (١) ، وقد استدلّ النّاظم على جواز ذلك بشواهد منها قوله :
١٠٧ ـ تسلّيت طرّا عنكم بعد / بعدكم |
|
بذكراكم حتّى كأنّكم عندي |
ف «طرّا» حال من الكاف في «عنكم» ، وهو مجرور بـ «عن».
فإن قلت : قد فهم من تخصيصه المنع بالمجرور بالحرف ـ أنّ ما عدا المجرور بالحرف ـ وهو المرفوع ، والمنصوب ، والمجرور بالإضافة ـ لا يمتنع أن يسبقه الحال.
أمّا المرفوع والمنصوب : فلا إشكال في جواز تقديم الحال عليهما ، نحو «جاء ضاحكا زيد» ، و «ضربت منطلقة هندا».
__________________
(١) قال ابن مالك في شرح الكافية (٢ / ٧٤٤) : «وأكثر النحويين يقيس المجرور بحرف الجر على المجرور بالإضافة ، فيلحقه به في امتناع تقدم حاله عليه ، فلا يجيز في نحو «مررت بهند جالسة» : مررت جالسة بهند ، وأجاز ذلك أبو علي في كلامه في المبسوط ، وبقوله في ذلك أقول وآخذ ، لأن المجرور بحرف مفعول به في المعنى ، فلا يمتنع تقديم حاله عليه ، كما لا يمتنع تقديم حال المفعول به ، وقد جاء ذلك مسموعا في أشعار العرب الموثوق بعربيتهم ، فمن ذلك ما أنشده يعقوب :
فإن تك أزواد أصبن ونسوة |
|
فلن تذهبوا فرغا بقتل حبال |
أراد : فلن تذهبوا بقتل حبال فرغا ، أي : هدرا ، وحبال اسم رجل ، ومن ذلك قول الآخر :
لئن كان برد الماء هيمان صاديا |
|
إليّ حبيبا إنّها لحبيب |
انتهى. وانظر شرح المكودي : ١ / ١٧٠ ، شرح الأشموني : ٢ / ١٧٦ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣٧٩ ، شرح المرادي : ٢ / ١٤٨ ، شرح ابن عقيل : ١ / ٢١٦.
١٠٧ ـ من الطويل ، ولم أعثر على قائله.
ويروى : «بينكم» بدل «بعدكم» ، والتسلي : التصبر ، وقوله : «طرا» بمعنى جميعا. والشاهد في قوله : «طرا» حيث أتى حالا من الكاف والميم ، وقد تقدم على صاحبه المجرور بـ «عن» ، وقال ابن هشام في التوضيح : «والحق أن البيت ضرورة».
انظر التصريح على التوضيح : ١ / ٣٧٩ ، الشواهد الكبرى : ٣ / ١٦٠ ، شرح الأشموني : ٢ / ١٧٧ ، المكودي مع ابن حمدون : ١ / ١٧٠ ، أوضح المسالك : ١٢٠ ، شرح ابن الناظم : ٣٢٤.