أو كان جزء ماله أضيفا |
|
أو مثل جزئه فلا تحيفا |
يعني : أنّ صاحب الحال لا يكون مضافا إليه إلّا في ثلاثة مواضع / :
الأوّل : أن يقتضي المضاف العمل في الحال (١) ، ومعناه أن يكون جاريا مجرى الفعل في كونه مصدرا ، أو اسم فاعل ، كقوله عزوجل : (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) [المائدة : ٤٨] ، ومثله قولك : «أعجبني ضرب هند قائمة» ، و «أنا ضارب هند قاعدة» ، فـ «ضرب» و «ضارب» يقتضيان العمل في الحال ، لأنّ الحال لا يعمل فيها إلّا فعل ، أو ما في معناه.
الثّاني : أن يكون المضاف جزءا من المضاف إليه كقوله عزوجل : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً) [الحجر : ٤٧] ، فالصّدور بعض ما أضيف إليه.
الثّالث : أن يكون المضاف مثل جزء المضاف إليه في صحّة الاستغناء به عن الأوّل ، كقوله عزوجل : (فَاتَّبِعُوا)(٢) مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً [آل عمران : ٩٥] ، لصحّة : فاتّبعوا إبراهيم.
فلو كان المضاف إليه غير ما ذكر لم يجز إتيان الحال منه ، نحو «جاء غلام هند قائمة» (٣) ، وإنّما جاز ذلك في المواضع المذكورة دون غيرها ، بناء على أنّ الحال لا يعمل فيها إلّا الفعل ، أو ما في معناه ، (وأنّ العامل في الحال هو العامل في صاحبها. فإذا كان المضاف مصدرا أو اسم فاعل ـ فلا إشكال في أنّه هو العامل في صاحب الحال وفي الحال معا) (٤).
وإذا كان المضاف بعض ما أضيف إليه ، أو مثل بعضه ـ صار الأوّل ملغى ، للاستغناء عنه ، وصار العامل فيه في التّقدير عاملا في المضاف إليه.
__________________
(١) ذكر ابن مالك في شرحي التسهيل والكافية : أن ذلك جائز بلا خلاف. انظر شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٧٥٠ ، شرح الأشموني : ٢ / ١٧٩ ، شرح المرادي : ٢ / ١٥١.
(٢) في الأصل : اتبعوا. انظر شرح المكودي : ١ / ١٧١.
(٣) ادعى ابن مالك في شرح التسهيل الاتفاق على منع مجيء الحال من المضاف إليه فيما عدا المسائل الثلاث المستثناة ، وتابعه على ذلك ولده في شرحه. قال الأشموني : «وفيما ادعياه نظر فإن مذهب الفارسي الجواز ، وممن نقله عنه الشريف أبو السعادات ابن الشجري في أماليه». انتهى. وقال السيوطي : «وجوز بعض البصريين ، وصاحب البسيط مجيء الحال من المضاف إليه مطلقا». انتهى. وقال صاحب البديع : إنه قليل.
انظر شرح الأشموني : ٢ / ١٧٩ ، الهمع : ٤ / ٢٣ ، شرح ابن الناظم : ٣٢٧ ، شرح المرادي : ٢ / ١٥١ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٤٣٨ ، المساعد على تسهيل الفوائد : ٢ / ٢٥.
(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٧١.