ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وعامل التّمييز قدّم مطلقا |
|
والفعل ذو التّصريف نزرا سبقا / |
يعني : أنّ العامل في التّمييز يجب تقديمه عليه ، فيلزم تأخير التّمييز ، وقوله : «مطلقا» ، أي : سواء كان اسما ، أو فعلا.
أمّا إذا كان اسما ، فلا يتقدّم عليه بإجماع ، نحو «عندي عشرون درهما» فالعامل في «درهما» : «عشرون» ، فلا يجوز «عندي درهما عشرون» (١).
وأمّا إذا كان فعلا : فإن كان الفعل غير متصرّف ـ فلا يجوز أيضا تقديمه عليه ، نحو «ما أكرمك أبا ، ونعم رجلا زيد» ، وإن كان متصرّفا ـ ففى تقديم التّمييز عليه خلاف :
والمشهور منع تقديمه ، وهو مذهب سيبويه (٢).
وأجاز قوم تقديمه ، منهم المازنيّ والمبرّد (٣) ، وتبعهم النّاظم في غير هذا النّظم (٤).
__________________
(١) انظر شرح المكودي : ١ / ١٧٩ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٧٧٥ ، شرح الرضي : ١ / ٢٢٣ ، شرح ابن عصفور : ٢ / ٢٨٣ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٧٤٣ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ٧٣.
(٢) والفراء والجمهور أيضا ، لأن الغالب في التمييز المنصوب بفعل متصرف أن يكون فاعلا في الأصل ، وقد حول الإسناد عنه إلى غيره لقصد المبالغة ، فلا يغير عما كان يستحقه من وجوب التأخير لما فيه من الإخلال بالأصل. وقيل : لأن التمييز كالنعت في الإيضاح ، والنعت لا يتقدم على عامله فكذلك ما أشبهه ، قاله الفارسي واستحسنه ابن خروف.
انظر الكتاب : ١ / ١٠٥ ، شرح المكودي : ١ / ١٧٩ ، الهمع : ٤ / ٧١ ، شرح المرادي : ٢ / ١٨٦ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٤٠٠ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٣٨٥ ، شرح ابن يعيش : ٢ / ٧٣ ، تاج علوم الأدب : ٣ / ٧٤٣ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٧٧٥ ، شرح الأشموني : ٢ / ٢٠٠ ، الإنصاف : ٢ / ٨٢٨ ـ ٨٣٠ ، المفصل : ٦٦ ، المقتصد : ٢ / ٦٩٣ ، ٦٩٥.
(٣) والكسائي والجرمي وطائفة من الكوفيين وصححه أبو حيان ، واحتجوا بالسماع والقياس :
أما السماع فقد جاء ذلك في كلامهم ، قال الشاعر :
أتهجر ليلى بالفراق حبيبها |
|
وما كان نفسا بالفراق تطيب |
وأما القياس ، فلأن هذا العامل فعل متصرف فجاز تقديم معموله عليه كسائر الأفعال المتصرفة.
انظر المقتضب : ٣ / ٣٦ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٧٧٦ ، شرح المكودي : ١ / ١٧٩ ،