ثمّ قال رحمهالله تعالى :
للانتها حتّى ولام وإلى |
|
ومن وباء يفهمان بدلا |
يعني : أنّ «حتّى» و «الّلام» ، و «إلى» مستوية في الدّلالة على الانتهاء ، إلّا أنّ دلالة «إلى» على الانتهاء أكثر ، ثمّ «حتّى» ، ثمّ «الّلام».
فمثال «إلى» : (كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) [لقمان : ٢٩] ، ومثال «حتّى» : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ) [الصافات : ١٧٤] ، ومثال «الّلام» : (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) [الرعد : ٢].
وقوله :
ومن وباء يفهمان بدلا
يعني : أنّ «من» و «الباء» مستويان في الدّلالة على البدل /.
فمثال «من» : قوله تعالى : (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ) [الزخرف : ٦٠] ، ومثال «الباء» : قوله صلىاللهعليهوسلم في عائشة رضياللهعنها : «لا يسرّني بها (١) حمر النّعم» (٢) أي : بدلها.
__________________
تنكير مجرورها فقط ، كقوله :
ومهما تكن عند امرئ من خليقة |
|
وإن خالها تخفى على النّاس تعلم |
وأجازها الأخفش والكسائي وهشام بلا شرط ، ووافقهم في التسهيل ، وقال في شرحه : لثبوت السماع بذلك نشرا ونظما. وقد ذكروا معاني أخر لـ «من» منها : التعليل : نحو (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ) ، والبدل : نحو (لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً) أي : بدلكم ، والمجاوزة : فتكون بمعنى «عن» نحو («أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ) أي : عن جوع ، والانتهاء نحو «رأيت الهلال من داري من خلل السحاب» ، والاستعلاء : نحو (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ) أي : على القوم ، والفصل : نحو «والله يعلم المفسد من المصلح» ، وتعرف بدخولها على ثاني المتضادين ، وموافقة الباء : نحو «ينظرون من طرف خفي» ، وبمعنى : «في» : نحو (ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) ، أي : في الأرض ، وموافقة لـ «رب» : قاله السيرافي ، وللقسم : ولا تدخل إلا على «الرب» ، فيقال : «من ربي لأفعلن» بكسر الميم وضمها.
انظر شرح المرادي : ٢ / ٢٠٣ ، التسهيل : ١٤٤ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٤٤٢ ـ ٤٤٤ ، شرح الأشموني : ٢ / ٢١٣ ، الهمع : ٤ / ٢١٦ ، شرح الرضي ٢ / ٣٢٣ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٧٩٦ ـ ٨٠٠ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٤٨٤ ، الجنى الداني : ٣١٠ ـ ٣١٨ ، مغني اللبيب : ٤١٩ ـ ٤٢٦ ، جواهر الأدب : ٣٣٦ ـ ٣٤٧ ، شرح ابن يعيش : ٨ / ١٠ ، ١٣٧.
(١) في الأصل : عنها. انظر شرح المكودي : ١ / ١٨٣.
(٢) لم أجد الحديث بهذا اللفظ فيما أطلعت عليه من كتب الحديث المعتمدة ، وفي السيرة النبوية لابن هشام (١ / ١٤١ ـ ١٤٢) ، في معرض حديثه عن حلف الفضول ذكر أنه صلىاللهعليهوسلم