كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) [يوسف : ٤٣] ، أو لكونه فرعا ، كقوله تعالى : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [البروج : ١٦] ، وقد تزاد لغير ذلك ، كقوله : («رَدِفَ لَكُمْ)(١) [النمل : ٧٢]».
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
... والظّرفيّة استبن ببا |
|
وفي وقد يبيّنان السّببا |
يعني : أنّ «الباء» ، و «في» يشتركان في الدّلالة على الظّرفية والسّببيّة.
فمثال دلالة «الباء» على الظّرفيّة قوله تعالى : (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ) [الصافات : ١٣٧] ، ومثال دلالتها على السّببيّة قوله تعالى : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ) [النساء : ١٦٠].
ومثال دلالة «في» على / الظّرفيّة : «زيد في المسجد» ، ومثال دلالتها على السّببيّة قوله تعالى : (لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ) [النور : ١٤].
والظّرفيّة في («في») (٢) أكثر ، والسّببيّة (في الباء) (٣) أكثر.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
بالبا استعن وعدّ عوّض ألصق |
|
ومثل مع ومن وعن بها انطق |
قد تقدّم أنّ الباء تكون للظّرفيّة والسّببيّة والبدل وذكر لها في هذا البيت سبعة (٤) معان :
__________________
(١) قال ابن هشام في المغني (٢٨٤ ـ ٢٨٥) :
«الحادي والعشرون ـ لام التوكيد ، وهي اللام الزائدة ، وهي أنواع : منها اللام المعترضة بين الفعل المتعدي ومفعوله ، كقوله :
ومن يك ذا عظم صليب رجا به |
|
ليكسر عود الدّهر فالدّهر كاسره |
وقوله :
وملكت ما بين العراق ويثرب |
|
ملكا أجار لمسلم ومعاهد |
وليس منه (رَدِفَ لَكُمْ) خلافا للمبرد ومن وافقه بل ضمن «ردف» معنى «اقترب» فهو مثل (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ.) انتهى. وفي تفسير البغوي (٥ / ١٥٥ ـ بهامش الخازن) : (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ) ـ أي : دنا وقرب ـ لكم ، وقيل : تبعكم ، والمعنى ردفكم ، أدخل فيه اللام كما زدخل في قوله : (لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) قال الفراء : اللام صلة زائدة كما تقول : «نقدته مائة ونقدت له» انتهى.
وانظر المقتضب : ٢ / ٣٦ ، الكشاف : ٣ / ١٥٨ ، الجنى الداني : ١٠٧ ، الهمع : ٤ / ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ، معاني الفراء : ٢ / ٢٩٩ ـ ٣٠٠ ، جواهر الأدب : ٧٨ ، تفسير الخازن : ٥ / ١٥٥ ، تاج علوم الأدب : ٢ / ٤٢٠.
(٢ ـ ٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٨٣.
(٤) في الأصل : سبع. انظر شرح المكودي : ١ / ١٨٣.