الثّاني : التّعليل ، وهو المشار إليه بقوله : «وبها التّعليل قد يعنى» ، كقوله عزوجل : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) [البقرة : ١٩٨] ، أي / : لأجل هدى الله لكم.
وفهم من قوله : «قد يعنى» أنّ إتيانها للتّعليل قليل.
الثّالث : زيادتها للتّوكيد ، وهو قليل ، وهو المشار إليه بقوله : «وزائدا لتوكيد ورد» ، كقوله عزوجل : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(١) [الشورى : ١١].
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
واستعمل اسما وكذا عن وعلى |
|
من أجل ذا عليهما من دخلا |
اعلم أنّ من حروف الجرّ ما يخرج عن الحرفيّة ويستعمل اسما ، وذلك خمسة أحرف ، أشار إلى ثلاثة منها هنا :
الأوّل : كاف التّشبيه ، واستعماله اسما :
قيل : في الضّرورة ، وهو مذهب سيبويه (٢) ، كقوله :
__________________
(١) أي : ليس مثله شيء ، كذا قدره الأكثرون ، إذا لو لم يقدروه كذلك صار المعنى : ليس مثل مثله شيء ، فيلزم المحال ، وهو إثبات المثل ، وإنما زيدت الكاف لتوكيد نفي المثل ، لأن زيادة الحرف بمنزلة إعادة الجملة ثانيا ، قاله ابن جني. وقيل : الكاف هنا غير زائدة ، ثم اختلفوا : فقيل : الزائدة «مثل» كما زيدت في (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ ،) قالوا : وإنما زيدت هنا لتفصل الكاف من الضمير. قال في المغني : والقول بزيادة الحرف أولى من القول بزيادة الاسم ، بل زيادة الاسم لم تثبت. وقيل : الكاف و «مثل» لا زائد منهما ، ثم اختلف : فقيل : «مثل» بمعنى الذات ، والمعنى : ليس كذاته شيء. وقيل : بمعنى الصفة ، لأن المثل والمثيل بمعنى ، كالشبه والشبيه ، والمعنى : ليس كصفته شيء. وقيل : الكاف اسم مؤكد بـ «مثل» كما عكس ذلك من قال :
فصيّروا مثل كعصف مأكول
انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ١٧ ، مغني اللبيب : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ، الأشموني مع الصبان : ٢ / ٢٢٥ ، الهمع : ٤ / ١٩٥ ـ ١٩٦.
(٢) قال سيبويه في الكتاب (١ / ٢٠٣) : «إلا أن أناسا من العرب اضطروا في الشعر ، وجعلوها بمنزلة «مثل» ، قال الراجز وهو حميد الأرقط :
فصيّروا مثل كعصف مأكول.
انتهى.
وانظر شرح المكودي : ١ / ١٨٥ ، شرح المرادي : ٢ / ٢١٧ ، الهمع : ٤ / ١٩٧ ، شرح الأشموني : ٢ / ٢٢٥ ، شرح الرضي : ٢ / ٣٤٣ ، الجنى الداني : ٧٩ ، مغني اللبيب : ٢٣٨ ، جواهر الأدب : ١٤٤ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٨ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٤٣٧.