معطي زيد درهما أمس» ، فالمنصوب بعده انتصب بفعل مقدّر (١) ، لأنّه إنّما جعل الحكم في ذلك لما استوفى شروط العمل ، واسم الفاعل بمعنى المضيّ لم يستوفها.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
واجرر أو انصب تابع الّذي انخفض |
|
كمبتغي جاه ومالا من نهض |
إذا جرّ اسم الفاعل ما بعده جاز في تابعه الجرّ على اللّفظ ، والنّصب على المحلّ ، وشمل جميع التّوابع واختلف في النّاصب له :
فقيل : اسم الفاعل المضاف (٢).
وقيل : بفعل مضمر ، وهو مذهب سيبويه (٣).
وكلام النّاظم محتمل المذهبين ، إذ لم ينصّ على ناصبه ، لكنّه صرّح في شرح الكافية : بأنّه محمول على الموضع ، وأنّ ناصبه اسم الفاعل المذكور (٤).
ثمّ مثّل ذلك بقوله :
كمبتغي جاه ومالا من نهض
فـ «من» مبتدأ ، وهو موصول ، وصلته «نهض» ، و «مبتغي» خبر مقدّم ، وهو المضاف إلى «جاه» ، و «مالا» معطوف على الموضع.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وكلّ ما قرّر لاسم فاعل |
|
يعطى اسم مفعول بلا تفاضل |
فهو كفعل صيغ للمفعول في |
|
معناه كالمعطى كفافا يكتفي / |
__________________
(١) تقديره : أنا معطي زيد أعطيته درهما أمس.
(٢) وهو مذهب الكوفيين ، ووافقهم الناظم. انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٧٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١٠٤٧ ، شرح المكودي : ١ / ٢١٥ ، شرح الأشموني : ٢ / ٣٠١.
(٣) قال سيبويه في الكتاب (١ / ٨٦) : «وتقول في هذا الباب «هذا ضارب زيد وعمرو» إذا اشتركت بين الآخر والأول في الجار ، لأنه ليس في العربية شيء يعمل في حرف فيمتنع أن يشرك بينه وبين مثله ، وإن شئت نصبته على المعنى ، وتضمر له ناصبا فتقول : «هذا ضارب زيد وعمرا» ، كأنه قال : «ويضرب عمرا» أو «وضارب عمرا». انتهى. فالناصب عند سيبويه فعل مضمرا ووصف مضمر ، وإليه ذهب كثيرون.
انظر شرح المكودي : ١ / ٢١٥ ، شرح الأشموني : ٢ / ٣٠١ ، شرح المرادي : ٣ / ٢٧ ، شرح ابن عصفور : ١ / ٥٥٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٧٠ ، جمل الزجاجي : ٨٧ ـ ٨٨ ، الأصول : ١ / ١٢٧ ، المقتضب : ٤ / ١٥١ ، التبصرة والتذكرة : ١ / ٢١٩ ، اسم الفاعل والصفة المشبهة عند النحويين : ٢٢٩ ، ٢٣١.
(٤) انظر شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١٠٤٧ ، شرح المكودي : ١ / ٢١٥.