نوى بـ «يا فسق» معنى «يا فاسق» مع زيادة المبالغة ، وكما نوى معنى «عامر» بـ «عمر» مع زيادة الوضوح.
فلما عدل «أخر» ولم يكن فى عدله زيادة كغيره من المعدولات كان بذلك معدولا عدلا ثانيا كـ «مثنى» وأخواتها.
فهذا اعتبار صحيح وأجود منه أن يقال : كان أصل «أخر» لتجرده عن الألف واللام أن يستغنى فيه بـ «أفعل» عن «فعل» كما يستغنى بـ «أكبر» عن «كبر» فى نحو :
«رأيتها مع نسوة أكبر منها» ؛ لكنهم أوقعوا «فعلا» موقع «أفعل» فكأن ذلك عدل من مثال إلى مثال ، وهو أولى من العدل من مصاحبة الألف واللام ؛ لكثرة نظائره ، وقلة نظائر الآخر ؛ ولأن المعدول إليه حقه أن يزيد معنى ، وذلك فى هذا الوجه محقق ؛ لأن تبيين الجمعية بـ «أخر» أكمل من تبيينها بـ «آخر» ، ولأن الوجه الأول يلزم منه مساواة «أخر» بـ «سحر» فى زوال العدل بالتسمية ، وقد نص سيبويه (١) على أن «أخر» إذا سمى به لا ينصرف لبقاء العدل ، ولا يكون ذلك إلا بالعدل عن مثال إلى مثال. بخلاف العدل عن الألف واللام.
الخامس من الأنواع الخمسة :
ما منع للوصفية ووزن الفعل :
وذلك بشرط أصالة الوصفية ، وكون الوزن من الأوزان التى الفعل بها أولى.
فاحترز بـ «أصالة الوصفيّة» من عروضها ؛ كوضعك «أرنبا» موضع «ذليل» و «أكلبا» موضع «أخسّاء» فإنهما حينئذ وصفان ، وهما على وزنين من الأوزان المعتبرة ، لكن وصفيتهما عارضة فلا اعتداد بها.
وكذا لا اعتداد بعروض الاسمية فيما أصله الوصفية ؛ كقولهم للقيد «أدهم» فإنه لا ينصرف للوزن وأصالة الوصفية ، وإن كان الآن جاريا مجرى الأسماء الجامدة لأن ذلك عارض ، والعارض لا اعتداد به إلا فى نادر من الكلام.
واحترز بـ «كون الوزن من الأوزان الّتى الفعل بها أولى» من الأوزان المشتركة
__________________
(١) قال سيبويه : قلت : فما بال «أخر» لا ينصرف فى معرفة ولا نكرة؟ فقال : لأن «أخر» خالفت أخواتها وأصلها ، وإنما هى بمنزلة : الطول والوسط والكبر ، لا يكنّ صفة إلا وفيهن ألف ولام ؛ فتوصف بهن المعرفة. ينظر : الكتاب (٣ / ٢٢٤).