والحاصل : أنّه لا مجال للتفصّي عن الإشكال بما ذكر.
وغاية ما يمكن أن يقال في حلّه : إنّه كما دلّت الأدلّة على كون الصلاة مع التيمّم صلاة صحيحة تامّة الأجزاء والشرائط وإنّ الجعل الشرعي لم يتعلّق إلّا بالتعميم فيما يحصل به شرط الصلاة ، لا في إلغاء شرطيّته ، كذلك دلّت على أنّ التيمّم بدل اضطراريّ من الوضوء والغسل سوّغه العجز عن امتثال الطهارة المائيّة ، الذي لا يصلح إلّا للمنع من تنجّز التكليف بها مع قيام مقتضيها ، ومقتضاه مبغوضيّة إيجاد العجز اختيارا.
كما يدلّ على ذلك ـ مضافا إلى استفادته من الأدلّة ـ إجماعهم ظاهرا ـ عدا ما عن المصنّف في المعتبر (١) ـ كما عن غير واحد دعواه على حرمة تفويت التكليف بها بعد تنجّز الخطاب بإراقة الماء ونحوها ، ولا يتّجه ذلك إلّا على تقدير كون العجز مانعا من تنجّز التكليف مع بقاء مقتضية ، لا موجبا لتبدّل الموضوع بأن يكون كلّ من العاجز والقادر بنفسه موضوعا مستقلّا لحكم شرعي ، نظير المسافر والحاضر ، كما عرفت الكلام فيه مفصّلا ، فيستكشف من ذلك أنّ للطهارة المائيّة من حيث هي لدى الإتيان بشيء من غاياتها الواجبة مطلوبيّة وراء مطلوبيّتها مقدّمة للواجبات المشروطة بالطهور من حيث كونها مشروطة بالطهور ، فإنّ معروض هذه المطلوبيّة المقدّميّة مطلق ما يتوقّف عليه وجود تلك الواجبات من دون فرق بين أسباب الطهور ، وكون الطهارة كاملة أو ناقصة ، أصليّة أو بدليّة ، فإنّ إيجاب شيء لا يقتضي من حيث المقدّميّة إلّا إيجاب ما يتعذّر ذلك الشيء بدونه ، والمفروض صحّة تلك الغايات مع التيمّم لدى العجز ، فلا اقتضاء لمطلوبيّة ما
__________________
(١) الحاكي عنه هو صاحب الجواهر فيها ٥ : ٨٩ ، وانظر : المعتبر ١ : ٣٦٦.