عداه حينئذ من هذه الجهة ، فوجب أن تكون للطهارة المائيّة مطلوبيّة أخرى غير هذه المطلوبيّة المخصوصة بحال القدرة ، وهي إمّا لمزيّة وشرافة في نفس الطهارة المائيّة مقتضية لإيجاب اختيارها مقدّمة مع الإمكان ، كما لو كان للرواح إلى السوق المأمور به مثلا طريقان يشتمل أحدهما على مزيّة مقتضية لتعيّن اختياره مع الإمكان ، أو لمزيّة في الغايات المأتيّ بها مع الطهارة المائيّة زائدة عمّا تقتضيه تلك الغايات في تقوّم ماهيّاتها ، كالصلاة جماعة أو في المسجد ونحوه لو فرض كون الخصوصيّة الموجبة لأفضليّة الفرد بالغة حدّا يقتضي لزوم مراعاتها مهما أمكن.
لكن يضعّف الاحتمال الأخير بل يدفعه : جواز الإتيان بسائر الغايات مطلقا حتّى الصلوات الأدائيّة في كثير من الفروض لا لضرورة عند صحّة التيمّم وبقاء أثره ، فيستكشف من ذلك أنّه ليس للغايات المأتيّ بها مع الطهارة المائيّة مزيّة لازمة المراعاة لدى الشارع ، فينحصر الوجه في التفصّي عن الإشكال بالأوّل ، أعني كون الطهارة المائيّة في حدّ ذاتها مشتملة على مزيّة مقتضية لوجوب رعايتها مهما أمكن عند إرادة الخروج من عهدة الغايات المشروطة بالطهور وإن لم يتوقّف وجودها عليها بالخصوص.
وإن أبيت عن ذلك ، فالمتعيّن إمّا الالتزام بعدم صحّة الصلاة ونحوها في مثل الفرض ، وهو وإن أمكن توجيهه كما عرفت آنفا لكنّه في غاية الإشكال ، بل لا يمكن الالتزام به في شيء من موارده ، بل لعلّه في بعضها مخالف للضرورة ، وإمّا الالتزام بعدم حرمة تحصيل العجز كما عن المصنّف في المعتبر (١) اختياره حيث
__________________
(١) لم نعثر على الحاكي عنه فيما بين أيدينا من المصادر ، وانظر : المعتبر ١ : ٣٦٦.