وأمّا لو تفحّص وبذل جهده بقدر ما يقتضيه تكليفه في طلب الماء ولم يجده فتيمّم وصلّى ثمّ انكشف في الوقت أو في خارجه وجوده ، صحّ تيمّمه وصلاته على الأظهر ؛ لتحقّق العجز وعدم الوجدان الذي أنيط به شرعيّة التيمّم في ظواهر الكتاب والسنّة.
وتوهّم اعتبار استمرار العجز في تمام الوقت في صحّة التيمّم تحقيقا لمفهوم الاضطرار الذي هو المناط في الحقيقة لشرعيّة التيمّم ، لا مجرّد صدق عدم الوجدان ، فانكشاف وجود الماء في الوقت كاشف عن عدم تحقّق الضرورة المسوّغة للتيمّم وإن كان حال العمل آتيا بما يقتضيه تكليفه في مرحلة الظاهر مراعيا صحّته بعدم انكشاف الخلاف ، مدفوع : بمخالفته لظواهر الأدلّة الدالّة على جواز التيمّم والصلاة بعد الفحص وعدم الوجدان حيث لا يتبادر منها إلّا اعتبار الضرورة حال الفعل ، لا عدم قدرته في الواقع من الطهارة المائيّة في مجموع الوقت.
مضافا إلى استفادته من النصوص المستفيضة الآتية في محلّها ، الدالّة على عدم إعادة الصلاة لو تجدّدت القدرة بعدها بوجود الماء في الوقت.
وبما أشرنا إليه ـ من أنّ مناط الصحّة هو العجز عن استعمال الماء ـ قد يقوى في النظر صحّة صلاة واجد الماء الذي نسيه واعتقد عدم تمكّنه من استعمال الماء فتيمّم وصلّى. وكذلك من عنده الماء ولم يعلم بوجوده واعتقد عجزه فصلّى مع التيمّم ، فإنّ اعتقاد العجز يؤثّر في عدم تمكّنه واقعا من استعمال الماء ؛ ضرورة عدم قدرته على الطهارة المائيّة ، ومعذوريّته عنها ما دام معتقدا عدم الماء وتاركا للفحص بواسطته.