منها وجوب التيمّم على العاجز ـ هو العرف ، ولهم مسامحات في مقامات لا يتسامحون هذه المسامحة في نظائرها ، وليس علينا إلّا متابعتهم في ذلك وإن خفي علينا وجه الفرق ، ونحن نرى أنّ مزج الطبيعة بغير جنسها ليس عندهم من أسباب تحصيل تلك الطبيعة وإن أطلقوا على الممتزج اسم تلك الطبيعة مسامحة ، ورتّبوا عليه بعد المزج أحكام تلك الطبيعة أحيانا ، فلا يرون من لم يكن عنده الماء بقدر الكفاية إلّا مصداقا للعاجز المأمور بالتيمّم ، كما أنّهم يرونه بعد أن وجد الماء ـ ولو بالمزج ـ مصداقا للقادر ، كما لا يخفى على المتأمّل.
وهذا الوجه لعلّه أقوى وإن كان الأوّل أحوط ، والله العالم.
(الثاني : عدم الوصلة إليه) أي إلى الماء وإن كان موجودا إمّا لتوقّفه على ثمن تعذّر عليه أو السير إلى مكانه المتعذّر في حقّه لكبر أو مرض أو ضعف ولو بأجرة مقدورة له ، أو لفقد الآلة التي يتوصّل بها إليه ، كما إذا كان على شفير بئر أو نهر ولم يتمكّن من الوصول إلى الماء والاغتراف منه ، أو تمكّن لكن بمشقّة رافعة للتكليف ، أو تغرير للنفس ، وبحكمه ما لو كان الماء عنده ويداه قذرتان ولم يمكنه الاغتراف منه واستعماله إلّا بيده القذرة ، الموجب لانفعال الماء ، إلى غير ذلك من الأعذار العقليّة والشرعيّة المانعة من استعمال الماء ، فعند تحقّق شيء منها يتيمّم ويصلّي بلا إشكال فيه ، بل ولا خلاف ؛ لما عرفت مرارا من أنّ مناط شرعيّة التيمّم ـ على ما يستفاد من النصوص والفتاوى ـ إنّما هو العجز عن استعمال الماء من دون فرق بين أسبابه.
(فمن عدم الثمن) الذي توقّف عليه استباحة الماء ، أو تحصيل بعض مقدّماته أو نحوه من الأمور التي لها مدخليّة في القدرة على استعمال الماء على