التسهيل ، وعدم توقّفه على العجز العقلي ، بل يكفي في شرعيّته أدنى عذر ، كالمشقّة ، أو الخوف الحاصل من النزول إلى البئر ، أو إثارة الوحل أو صيرورة الماء مستعملا ، وغير ذلك ممّا يوجب إفساد الماء على القوم وتنفّر طباعهم منه وإن لم يكن محذورا عقليّا أو شرعيّا ، وقد تقدّم بعض الكلام في هذه الرواية في مبحث الماء المستعمل ، فراجع (١).
وكيف كان فالذي يستفاد من ظواهر ما دلّ على شرعيّة التيمّم من الكتاب والسنّة وفتاوى الأصحاب إنّما هو جوازه عند تعذّر المائيّة بل تعسّرها أو التضرّر بها ، كما تقتضيه قاعدة نفي الحرج والضرر ، الحاكمة على العمومات المثبتة للتكاليف ، القاضية بعدم وجوب المائيّة في موقع الحرج والضرر الملزوم لجواز الترابيّة بالضرورة ، فمن وجد الماء ولكن شقّ عليه استعماله ـ لبرودة أو مرض أو غير ذلك ـ مشقّة لا تتحمّل عادة كمن لم يجده في عدم وجوب المائيّة عليه وشرعيّة الترابيّة له ، وسيأتي مزيد توضيح لذلك إن شاء الله.
(وكذا إن وجده بثمن يضرّ به في الحال) أي بحسب حاله بأن يؤثّر فيه وهنا من حيث الوجاهة والاعتبار ، أو ضيق المعيشة ونحوه من غير فرق بين أن يكون بأزيد من ثمن مثله ، وعدمه ، وبين أن يترتّب الضرر الحالي في الحال أو في المستقبل.
اللهمّ إلّا أن يكون زمانه بعيدا بحيث لا يعتنى به في العرف على وجه يعدّ ضررا بالنسبة إلى حال المشتري.
وربّما فسّر الحال في العبارة بما يقابل الاستقبال ، ولعلّه الظاهر منه.
__________________
(١) ج ١ ، ص ١٦٦ وما بعدها «مبحث ماء البئر».